تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض وهذا الذي ادعاه أبو عبيد لا يسلم له قوله (صلى الله عليه وسلم) (فإن هم أبوا فسلهم الجزية فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم) هذا مما يستدل به مالك والأوزاعي وموافقوهما في جواز أخذ الجزية من كل كافر عربيا كان أو عجميا كتابيا أو مجوسيا أو غيرهما وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه تؤخذ الجزية من جميع الكفار إلا مشركي العرب ومجوسهم وقال الشافعي لا يقبل إلا من أهل الكتاب والمجوس عربا كانوا أو عجما ويحتج بمفهوم آية الجزية وبحديث سنوا بهم سنة أهل الكتاب وبتأول هذا الحديث على أن المراد بأخذ الجزية أهل الكتاب لأن اسم المشرك يطلق على أهل الكتاب وغيرهم وكان تخصيصهم معلوما عند الصحابة واختلفوا في قدر الجزية فقال الشافعي أقلها دينار على الغني ودينار على الفقير أيضا في كل سنة وأكثرها ما يقع به التراضي وقال مالك هي أربعة دنانير على أهل الذهب وأربعون درهما على أهل الفضة وقال أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه وغيره من الكوفيين وأحمد رضي الله تعالى عنه على الغني ثمانية وأربعون درهما والمتوسط أربعة وعشرون والفقير اثنا عشر قوله (صلى الله عليه وسلم) (وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله و ذمة نبيه فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) قال العلماء الذمة هنا العهد وتخفروا بضم التاء يقال أخفرت الرجل إذا نقضت عهده وخفرته أمنته وحميته قالوا وهذا نهى تنزيه أي لا تجعل لهم ذمة الله فإنه قد ينقضها من لا يعرف حقها وينتهك حرمتها بعض الأعراب وسواد الجيش قوله (صلى الله عليه وسلم) (وإذا حاصرت أهل حصن
(٣٩)