مبتدأ وحذف خبره أو خبر محذوف المبتدأ وفي هذا الحديث مراعاة العدل بين الورثة والوصية قال أصحابنا وغيرهم من العلماء إن كانت الورثة أغنياء استحب أن يوصى بالثلث تبرعا وإن كانوا فقراء استحب أن ينقص من الثلث وأجمع العلماء فهذه الأعصار على أن من له وارث لا تنفذ وصيته بزيادة على الثلث إلا بإجازته وأجمعوا على نفوذها بإجازته في جميع المال وأما من لا وارث له فمذهبنا ومذهب الجمهور أنه لا تصح وصيته فيما زاد على الثلث وجوزه أبو حنيفة وأصحابه واسحق وأحمد في إحدى الروايتين عنه وروى عن علي وابن مسعود رضي الله عنهما وأما قوله أفأتصدق بثلثي مالي يحتمل أنه أراد بالصدقة الوصية ويحتمل أنه أراد الصدقة المنجزة وهما عندنا وعند العلماء كافة سواء لا ينفذ ما زاد على الثلث إلا برضا الوارث وخالف أهل الظاهر فقالوا للمريض مرض الموت أن يتصدق بكل ماله ويتبرع به كالصحيح ودليل الجمهور ظاهر حديث الثلث كثير مع حديث الذي أعتق ستة أعبد في مرضه فأعتق النبي (صلى الله عليه وسلم) اثنين وأرق أربعة قوله (صلى الله عليه وسلم) (إنك إن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس) العالة الفقراء ويتكففون يسألون الناس في أكفهم قال القاضي رحمه الله روينا قوله إن تذر ورثتك بفتح الهمزة وكسرها وكلاهما صحيح وفي هذا الحديث حث على صلة الأرحام والاحسان إلى الأقارب والشفقة على الورثة وأن صلة القريب الأقرب والاحسان إليه أفضل من الأبعد واستدل به بعضهم على ترجيح الغني على الفقير قوله (صلى الله عليه وسلم) (ولست تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله تعالى إلا أجرت بها حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك) فيه استحباب الانفاق في وجوه الخير وفيه أن الأعمال بالنيات وأنه إنما يثاب على عمله بنيته وفيه أن الانفاق على العيال يثاب عليه إذا قصد به وجه الله تعالى وفيه أن المباح إذا قصد به وجه الله تعالى صار طاعة ويثاب عليه وقد نبه (صلى الله عليه وسلم) على هذا بقوله (صلى الله عليه وسلم) حتى اللقمة تجعلها في في امرأتك لأن زوجة الإنسان هي من أخص حظوظه الدنيوية وشهواته وملاذه المباحة
(٧٧)