قال وقد جاء في القرآن كثيرا وفي كلام الصحابة والسلف وترجم البخاري على هذا باب ما يجوز من اللو وأدخل فيه قول لوط (صلى الله عليه وسلم) لو أن لي بكم قوة وقول النبي (صلى الله عليه وسلم) لو كنت راجما بغير بينة لرجمت هذه ولو مدلى الشهر لواصلت ولولا حدثان قومك بالكفر لأتممت البيت على قواعد إبراهيم ولولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار وأمثال هذا قال والذي ينفهم من ترجمة البخاري وما ذكره في الباب من القرآن والآثار أنه يجوز استعمال لو ولولا فيما يكون للاستقبال مما امتنع من فعله لامتناع غيره وهو من باب الممتنع من فعله لوجود غيره وهو من با ب لولا لأنه لم يدخل في الباب سوى ما هو للاستقبال أو ما هو حق صحيح متيقن كحديث لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار دون الماضي والمنقضي أو ما فيه اعتراض على الغيب والقدر السابق وقد ثبت في الحديث الآخر في صحيح مسلم قوله (صلى الله عليه وسلم) وإن أصابك شئ فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل قال القاضي قال بعض العلماء هذا إذا قاله على جهة الحتم والقطع بالغيب أنه لو كان كذا لكان كذا من غير ذكر مشيئة الله تعالى والنظر إلى سابق قدره وخفى علمه علينا فأما من قاله على التسليم ورد الأمر إلى المشيئة فلا كراهة فيه قال القاضي وأشار بعضهم إلى أن لولا بخلاف لو قال القاضي والذي عندي أنهما سواء إذا استعملتا فيما لم يحط به الإنسان علما ولا هو داخل تحت مقدور قائلهما مما هو تحكم على الغيب واعتراض على القدر كما نبه عليه في الحديث ومثل قول المنافقين لو أطاعونا ما قتلوا لو كان عندنا ما ماتوا وما قتلوا ولو كان لنا من الأمر شئ ما قتلنا ههنا فرد الله تعالى عليهم باطلهم فقال فادرؤا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين فمثل هذا هو المنهي عنه وأما هذا الحديث الذي نحن فيه فإنما أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فيه عن يقين نفسه أن سليمان لو قال إن شاء الله لجاهدوا إذ ليس هذا مما يدرك بالظن والاجتهاد وإنما أخبر عن حقيقة أعلمه الله تعالى بها وهو نحو قوله (صلى الله عليه وسلم) لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ولولا حواء لم تخن امرأة زوجها فلا معارضة بين هذا وبين حديث النهي عن لو وقد قال الله تعالى لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى مضاجعهم ولو ردوا لعادوا
(١٢٢)