قال: كان في الحرب سيفا قاطعا وفي المكرمات غيثا نافعا، وفي اللقاء لهبا ساطعا.
قال: فمن أي أولاده أنت؟ قال: من عبد القيس. قال: وما كان عبد القيس؟ قال: كان خصيبا خضرما أبيض، وهابا لضيفه ما يجد، ولا يسأل عما فقد، كثير المرق، طيب العرق، يقوم للناس مقام الغيث من السماء.
قال: ويحك يا ابن صوحان فما تركت لهذا الحي من قريش مجدا ولا فخرا.
قال: بلى والله يا ابن أبي سفيان، تركت لهم ما لا يصلح إلا بهم، ولهم تركت الأبيض والأحمر، والأصفر والأشقر، والسرير والمنبر، والملك إلى المحشر، وأنى لا يكون ذلك كذلك وهم منار الله في الأرض، ونجومه في السماء!!!
ففرح معاوية وظن أن كلامه يشتمل على قريش كلها، فقال: صدقت يا ابن صوحان إن ذلك لكذلك. فعرف صعصعة ما أراد، فقال: ليس لك ولا لقومك في ذلك إصدار ولا إيراد، بعدتم عن أنف المرعى، وعلوتم عن عذب الماء!!! قال: فلم ذلك ويلك يا ابن صوحان؟! قال: الويل لأهل النار، ذلك [العظمة] لبني هاشم. قال: قم. فأخرجوه. فقال صعصعة:
الصدق ينبئ عنك لا الوعيد، من أراد المشاجرة قبل المحاورة [كذا] فقال معاوية: لشئ ما سوده قومه، وددت والله أني من صلبه، ثم التفت إلى بني أمية فقال: هكذا فلتكن الرجال.
أقول: هذه القصة ذكرها في أيام معاوية وسيره من كتاب مروج الذهب:
ج 3 ص 39 ط بيروت، فإن صحت الرواية فهذا كان أول كتبه عليه السلام - بعد نزوله الكوفة - إلى معاوية. وبعض من هذا الحوار - عدا قصة الكتاب - ذكره بطرق في ترجمة صعصعة من تاريخ دمشق.