محبه محبي ومبغضه مبغضي وبولايته صارت امتي مرحومة وبعداوته صارت المخالفة له منها ملعونة وإني بكيت حين أقبل لأني ذكرت غدر الامة به بعدي حتى أنه ليزال عن مقعدي وقد جعله الله له بعدي ثم لا يزال الأمر به حتى يضرب على قرنه ضربة تخضب منها لحيته في أفضل الشهور شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.
وأما ابنتي فاطمة فإنها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين وهي بضعة مني وهي نور عيني وهي ثمرة فؤادي وهي روحي التي بين جنبي وهي الحوراء الإنسية متى قامت في محرابها بين يدي ربها جل جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض ويقول الله عز وجل لملائكته: يا ملائكتي انظروا إلى أمتي فاطمة سيدة امائي قائمة بين يدي ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي أشهدكم إني قد آمنت شيعتها من النار وإني لما رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي كأني بها وقد دخل الذل بيتها وانتهكت حرمتها وغصبت حقها ومنعت إرثها وكسرت جنبتها وأسقطت جنينها وهي تنادي يا محمداه فلا تجاب وتستغيث فلا تغاث فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية تتذكر انقطاع الوحي عن بيتها مرة وتتذكر فراقي اخرى وتستوحش إذا جنها الليل لفقد صوتي الذي كانت تستمع إليه إذا تهجدت بالقرآن ثم ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيام أبيها عزيزة فعند ذلك يؤنسها الله تعالى ذكره بالملائكة فنادتها بما نادت به مريم بنت عمران فتقول: يا فاطمة (إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين) يا فاطمة ﴿اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين﴾ (1) ثم يبتدي بها الوجع فتمرض فيبعث الله عز وجل إليها مريم بنت عمران تمرضها وتؤنسها في علتها فتقول عند ذلك: يا رب إني سئمت الحياة وتبرمت بأهل الدنيا فالحقني بأبي فيلحقها الله عز وجل بي فتكون أول من يلحقني