مريد، لم يكن معه ضد ولا ند، أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، إله واحد ورب ماجد، يشاء فيمضي ويريد فيقضي، ويعلم فيحصي ويميت ويحيي، ويفقر ويغني، ويضحك ويبكي، ويمنع ويعطي.
له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شئ قدير، يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل لا إله إلا هو العزيز الغفار، مجيب الدعاء ومجزل العطاء، محصي الأنفاس ورب الجنة والناس، لا يشكل عليه شئ ولا يضجره صراخ المستصرخين ولا يبرمه الحاح الملحين، العاصم للصالحين والموفق للمفلحين ومولى العالمين الذي استحق من كل من خلق أن يشكره ويحمده.
أحمده على السراء والضراء والشدة والرخاء وأؤمن به وملائكته وكتبه ورسله، أسمع أمره وأطيع وأبادر إلى كل ما يرضاه، وأستسلم لقضائه رغبة في طاعته وخوفا من عقوبته، لأنه الله الذي لا يؤمن مكره ولا يخاف جوره، وأقر له على نفسي بالعبودية وأشهد له بالربوبية وأؤدي ما أوحي إلي حذرا من أن لا أفعل فتحل بي منه قارعة لا يدفعها عني أحد وإن عظمت حيلته لا إله إلا هو، لأنه قد أعلمني أني إن لم أبلغ ما أنزل إلي فما بلغت رسالته وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة، وهو الله الكافي الكريم، فأوحى إلي: (بسم الله الرحمن الرحيم) (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك [في علي - يعني في الخلافة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) -] وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس).
معاشر الناس ما قصرت في تبليغ ما أنزل الله تعالى إلي، وأنا مبين لكم سبب نزول هذه الآية: إن جبرئيل (عليه السلام) هبط إلي مرارا ثلاثا يأمرني عن السلام ربي وهو السلام أن أقوم في هذا المشهد فأعلم كل أبيض وأسود أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) أخي ووصيي وخليفتي والإمام من بعدي، الذي محله مني محل هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وهو وليكم من بعد الله ورسوله، وقد أنزل الله تبارك وتعالى علي بذلك