التي يتصور أنها مفقودة كانت ولا تزال موجودة في مصادرنا الحديثية المهمة، فيجب على أهل الجد دراستها والنظر فيها وإحياؤها بنشرها في مجامعنا العلمية، فضعف علم الحديث كان له آثار سلبية كثيرة.
ومن المسائل التي أشرنا إليها والتي أحاط بها الغموض عند المتأخرين هي وضع كتب الحديث وأصوله في العصور الأولى - وبالأخص في عصور الأئمة (عليهم السلام) - حيث كانت واضحة في تلك الأعصار، ثم اختلفت الآراء فيها بعد ذلك، ومن جملتها مفهوما " الكتاب " و " الأصل " الوارد ذكرهما في فهارس القدماء، فما يعني قولهم: " له أصل " أو " له كتاب "؟ وهل يوجد ثمة فرق بين مفهومي " الأصل " و " التصنيف " أم هما متحدان؟
فقد كثر الكلام في ذلك بتحليلات علمية معمقة، لكنها في الوقت ذاته مملة ولا طائل من ورائها؛ لذا رجحنا عدم إيرادها هنا. وعلى هذا فليس من الإنصاف أن نوجه اللوم إلى علمائنا أو ننسب إليهم التقصير في ذلك، بل تلك البحوث بأجمعها إنما كانت بسبب تباعدهم عن تلك العصور تباعدا أدى إلى غياب قرائن العلم والمعرفة وخفائها عنهم، فلم تصل إلى أيديهم عينات ملموسة كي يتكلموا بخصوصها؛ لذا كان أغلبها كلمات حدسية غير مستندة إلى مصاديق خارجية. ومن أراد الاطلاع عليها أكثر فليراجع مقدمة كتاب أعيان الشيعة وكتاب مقباس الهداية، والكتب التي تطرقت إلى هذه المسائل.
على أن هذه المجموعة من الأصول تدفع أكثر هذه الاحتمالات والشكوك، فمن خلال إجالة النظر والتتبع فيها يتضح العديد من المسائل والنكات الغامضة والمستورة عن أهل النظر حول متقدمي أصحابنا، وكذلك يتضح الكثير من معاني الاصطلاحات المذكورة في فهارس المتقدمين - كفهرس النجاشي - والتي بقيت مبهمة ومجهولة طوال قرون مديدة.
قال السيد الأمين (رحمه الله) في الأعيان: " وصنف قدماء الشيعة الاثني عشرية المعاصرين للأئمة من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى عهد أبي محمد الحسن العسكري (عليه السلام) في