التصدير لا ريب أن الحديث والسنة هو المصدر الثاني لفهم الدين وتحصيل العلوم الإلهية بعد كتاب الله العزيز، وهو بيان للقرآن وتفسير لكلام الله سبحانه، ومتمم للقوانين والحقائق الكامنة في القرآن المجيد، وله السهم الأوفر في التوصل إلى الينبوع الصافي للحقائق والمعارف الدينية واستنباط الأحكام الشرعية.
وقد حث النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين (صلى الله عليه وآله) المسلمين على كتابة الحديث ونقله وتعليمه وتعلمه، كما قال النبي (صلى الله عليه وآله) لعبد الله بن عمر: " اكتب، فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق "؛ وقال (صلى الله عليه وآله): " من أدى إلى أمتي حديثا يقام به سنة أو يثلم به بدعة فله الجنة "؛ وقال الباقر (عليه السلام): " لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا وما فيها " وقال الصادق (عليه السلام): " إعرفوا منازل الناس منا على قدر روايتهم عنا ". وهذا ما ضاعف في أهميته وزاد في ازدهاره ونشره يوما بعد يوم.
ولا شك في أن " الأصول الأربعمائة " من أقدم وأشهر وأهم المصادر الروائية للشيعة الاثنا عشرية التي ألفت في أعصار الأئمة المعصومين (عليهم السلام). ونعلم إجمالا بأن تاريخ تأليف جل هذه الأصول - إلا قليل منها - كان في عصر أصحاب الإمام الصادق (عليه السلام)، سواء كانوا مختصين به، أو كانوا مما أدركوا أباه الإمام الباقر (عليه السلام) قبله، أو أدركوا ولده الإمام الكاظم (عليه السلام) بعده. وصرح الشيخ الطبرسي والمحقق الحلي والشهيد والشيخ البهائي والمحقق الداماد وغيرهم من الأعلام بأن " الأصول الأربعمائة " ألفت في عصر الصادق (عليه السلام) من أجوبة المسائل التي كان يسأل عنها.