وكانت متعددة غالبا، وفي أحيان كثيرة كان التلاميذ ينتقون بعضا منها ليدرجوه في دفاترهم ثم ينقلون هذا المنتخب إلى الآخرين من تلامذتهم، سواء بصورة مستقلة وباسم الراوي المأخوذ منه أو بصورة غير مستقلة؛ وذلك بتفريق أحاديثه في الأصل أو التصنيف الذي ينسب إليه؛ كأخبار ابن أبي عمير أو كتاب جعفر بن شريح، كما في هذه المجموعة. والإشارة إلى الأصل المأخوذ منه كانت بواسطة ذكر اسم صاحبه في صدر السند. وبهذا الشكل تغيرت وانمحت الصورة الأولى لعمدة تلك الأصول.
وهذا هو السر في صغر حجم هذه الأصول في هذه المجموعة. ولكن مع ذلك يوجد هناك بعض الأصول الأولية في الرواية للرواة الأولين عن الأئمة (عليهم السلام) حافظت على قدر كبير من شكلها الأولي وروايتها الأولى؛ حيث إن جميع أخبارها جاءت برواية واحدة عن الإمام المعصوم (عليه السلام)؛ كالجعفريات، ومسائل علي بن جعفر، وأصل زيد الزراد - في هذا الكتاب -، وربما صحيفة الرضا (عليه السلام)، وتوحيد المفضل، وغيرها.
ونأمل من خلال هذا التحليل أن نكون قد وفقنا لعرض صورة صحيحة عن آثار المتقدمين في الرواية.
وكان من التقديرات الإلهية أن تصان هذه المجموعة القديمة من الأصول وتبقى محفوظة من الضياع والاندراس، لتعكس للباحثين صورة واضحة عن سائر تلك الأصول وتقييمها، ولولاها لما انطبعت في ذهن أحد صورة صحيحة وواضحة عنها، كما نلاحظه اليوم في كتب الدراية والرجال والتراجم والكتب التي تطرقت لبيان وضع العلوم والمعارف في عصر المعصومين (عليهم السلام) والعصور المقاربة له؛ فإن أغلب التحليلات حول هذه الأصول بعيدة عن الواقع.
فالأصل كان يطلق عندهم على كل مجموعة روائية يقوم بجمعها راو خاص، سواء كانت مشتملة على روايات متفرقة - كما هو الأكثر - أو بصورة تصنيف وتبويب للأخبار؛ ولذا نقل عن محمد بن إبراهيم بن جعفر النعماني (رحمه الله) في الغيبة أنه قال: " إنه ليس بين جميع الشيعة ممن حمل العلم ورواه عن الأئمة (عليهم السلام) خلاف في أن كتاب