أغلب أحاديث هذه المجموعة موجود في كتب الحديث المروية من قبل أصحابنا، فبعضها متحد معها في الطريق وفي اللفظ، وبعضها متحد معها في اللفظ مختلف من حيث الراوي. فمثلا يوجد في أصل: " عن جابر عن أبي جعفر (عليه السلام)... "، وفي آخر: " عن أبي بصير قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول... ". وقسم آخر من الروايات يكون مختلفا معها من حيث الراوي، ومتحدا أو شبيها لها - في بعض فقراتها أو أغلبها - من حيث المعنى، سواء كان ذلك عن نفس ذلك الإمام أو عن غيره من المعصومين.
فالمراجع يلاحظ بوضوح تطابق أحاديث المعصومين بعضها مع بعض وانسجامها واتحادها من حيث المعنى رغم صدورها في أزمنة مختلفة، بل في كثير من الموارد تكون ألفاظها متحدة تماما كأنها صدرت عن شخص واحد في زمان واحد، وهو من أعلى مظاهر الإعجاز، وحقانية حركتهم، وإلهية دعوتهم.
وهناك مسألة ينبغي التنبيه عليها؛ وهي أن اعتبار هذه الكتب ليس بمعنى صحة ظواهر جميع الأحاديث التي وردت فيها من حيث الحكم، بل بمعنى أنها رويت بهذه الصورة، أما الميزان في اعتبارها في مقام العمل فيخضع لقواعد علم الحديث التي وردت عن المعصومين. ولذا نرى المجاميع التي دونت على أساس هذه الأصول انتخب أصحابها ما كان يناسب موضوع كتابهم وكان حجة بنظرهم في مقام العمل وصحيحا من حيث المعنى، أو كان لها مكانة خاصة فتركوا التي لم يكن لها مثل هذه المميزات. فكتب الحديث - على هذا - تنقسم إلى قسمين: فقسم منها يورد ما ورد عنهم (عليهم السلام)، وقسم يختص بما هو معتبر عند كاتبها في مقام الحكم والعمل. ولذا يوجد في أحاديث هذه المجموعة ما صدر منهم (عليهم السلام) لأجل بعض المصالح لا اعتقادا بذلك؛ كالمماشاة مع الرأي العام، أو لاقتضاء الظروف ذلك في تلك الأزمنة، أو لأخذهم (عليهم السلام) ذهنية المخاطب بنظر الاعتبار، أو ما شابه ذلك. وعليه، يجب ألا يستغرب القارئ عندما يواجه فيها أخبارا مخالفة لما هو المشهور؛ للأسباب المذكورة.
ومن هنا لم يهتم أغلب المحدثين بهذا القسم من الأخبار، ولم ينقلوها في كتبهم