وإذن فقد كانت الفئة الحاكمة تحال أن تساوي بين بني هاشم وسائر الناس وترتفع برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الاختصاص بهم لتنتزع بذلك الفكرة التي كانت تزود الهاشميين بطاقة على المعارضة. ولئن اطمأن الحاكمون إلى أن عليا لا يثور عليهم في تلك الساعة الحرجة على الإسلام، فهم لا يأمنون من انتفاضه بعد ذلك في كل حين، ومن الطبيعي حينئذ أن يسارعوا إلى الاجهاز على كلتا قوتيه المادية والمعنوية ما دامت الهدنة قائمة قبل أن يسبقهم إلى حرب أكول.
ومن المعقول بعد هذا أن يقف الخليفة موقفه التاريخي المعروف من الزهراء في قضية فدك، فهو موقف تلاقى فيه الغرضان وتركز على الخطين الأساسيين لسياسته، لأن الدواعي التي بعثته إلى انتزاع فدك كانت تدعوه إلى الاستمرار على تلك الخطة ليسلب بذلك من خصمه الثروة التي كانت سلاحا قويا في عرف الحاكمين يو مذاك، ويعزز بها سلطانه، وإلا فما الذي كان يمنعه عن تسليم فدك للزهراء بعد أن أعطته الوعد القاطع بأن تصرف منتوجاتها في سبيل لخير ووجوه المصلحة العامة؟! (1) إلا أنه خاف منها أن تفسر وعدها بما يتفق مع صرفها لغلات فدك في المجالات السياسية. وما الذي صده عن إرضاء فاطمة بالتنازل لها عن حصته ونصيب ا لصحابة إذا صح أن فدك ملك للمسلمين سوى أنه أراد أن يقوي بها خلافته؟
وأيضا فإننا إذا عرفنا أن الزهراء كانت سندا قويا لقرينها في دعوته إلى نفسه، ودليلا يحتج به أنصار الأمام على أحقيته بالأمر، نستوضح أن الخليفة