فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ٤٦
وأما إذا جئنا للتاريخ لا لنسجل واقع الأمر خيرا كان أو شرا، ولا لنجس دراستنا في حدود من مناهج البحث العلمي الخالص، ولا لنجمع الاحتمالات والتقديرات التي يجوز افتراضها ليسقط منها على محك البحث ما يسقط ويبقى ما يليق بالتقدير والملاحظة، بل لنستلهم عواطفنا وموروثاتنا ونستمد من وحيها الأخاذ تاريخ أجيالنا السابقة، فليس ذلك تاريخا لأولئك الأشخاص الذين عاشوا على وجه الأرض يوما ما، وكانوا بشرا من البشر تتنازعهم ضروب شتى من الشعور والاحساس، وتختلج في ضمائرهم ألوان مختلفة من نوازع الخير ونزعات الشر، بل هو ترجمة لأشخاص عاشوا في ذهننا وطارت بهم نفوسنا إلى الآفاق العالية من الخيال.
فإذا كنت تريد أن تكون حرا في تفكيرك، ومؤرخا لدينا الناس لا روائيا يستوحي من دنيا ذهنه ما يكتب، فضع عواطفك جانبا أو إذا شئت فاملأ بها شعاب نفسك فهي ملك لا ينازعك فيها أحد، واستثن تفكيرك الذي به تعالج البحث، فإنه لم يعد ملكك بعد أن اضطلعت بمسؤولية التاريخ وأخذت على نفسك أن تكون أمينا ليأتي البحث مستوفيا لشروطه قائما على أسس صحيحة من التفكير والاستنتاج (1).
كثيرة جدا هذه الأسباب التي تحول بين نقاد التاريخ وبين حريتهم فيما ينقدون، وقد اعتاد المؤرخون أو أكثر المؤرخين بتعبير أصح، أن

(١) يلاحظ معالم المنهج العلمي الذي يحدده الأمام الشهيد الصدر رضوان الله عليه سواء في قراءته التاريخ أو في كتابته، والخطوات التي يحددها رضوان الله عليه هنا هي ما تقتضيه أصول البحث التاريخي.
راجع: منهج البحث التاريخي / الدكتور حسن عثمان، طبعة دار المعارف بمصر.
(٤٦)
مفاتيح البحث: الجواز (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185