على مثل هذه الشهادة فاشهدوا، أما والله لأجهدن على قطع خيط عنق الخائن الأحمق فقام عثمان بن شرحبيل التيمي أول الناس فقال: اكتبوا اسمي فقال زياد: ابدؤا بقريش ثم اكتبوا اسم من نعرفه ويعرفه أمير المؤمنين بالصحة والاستقامة (1) فشهد عليه سبعون رجلا فقال زياد: ألقوهم إلا من عرف بحسب وصلاح في دينه فألقوا حتى صيروا إلى هذه العدة [وهم أربع وأربعون فيهم: عمر بن سعد بن أبي وقاص. شمر بن ذي الجوشن شبث بن ربعي. زجر بن قيس].
وممن شهد شداد بن المنذر أخو الحضين وكان يدعى: ابن بزيعة. فكتب: شهادة ابن بزيعة. فقال زياد: أما لهذا أب ينسب إليه؟ ألغوا من الشهود فقيل له: إنه أخو الحضين بن المنذر؟ فقال: انسبوه إلى أبيه فنسب، فبلغ ذلك شدادا فقال: وا لهفاه على ابن الزانية أو ليست أمه أعرف من أبيه؟ فوالله ما ينسب إلا إلى أمه سمية.
وكتب في الشهود شريح بن الحرث، وشريح بن هانئ. فأما شريح بن الحرث فقال: سألني عنه فقلت: أما إنه كان صواما قواما. وأما شريح بن هانئ فقال:
بلغني إن شهادتي كتبت فأكذبته ولمته، وكتب كتابا إلى معاوية وبعثه إليه بيد وائل بن حجر وفي الكتاب: بلغني إن زيادا كتب شهادتي، وإن شهادتي على حجر إنه ممن يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويديم الحج والعمرة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، حرام الدم والمال، فإن شئت فاقتله، وإن شئت فدعه. فلما قرأ معاوية الكتاب قال:
ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم.
وكتب شهادة السري بن وقاص الحارثي وهو غائب في عمله.
قال الأميني: هذه شهادة زور لفقها ابن أبيه أو ابن أمه على أصناف من الناس منهم الصلحاء والأخيار الذين أكذبوا ذلك العز والمختلق كشريح بن الحرث وشريح بن هانئ ومن حذا حذوهما، وشهدوا بخلاف ما كتب عنهما ومنهم من كانوا غائبين عن ساعة الشهادة وساحتها، لكن يد الإفك أثبتتها عليهم كابن وقاص الحارثي ومن يشاكله.
ومنهم رجرجة من الناس يستسهلون شهادة الزور ويستسوغون من جرائها إراقة