من أبى أن يقر بالحكومة. ثم مضى بسر إلى اليمن وكان عليها عبيد الله بن عباس عاملا لعلي فهرب منه إلى علي بالكوفة، واستخلف عبد الله بن عبد المدان الحارثي فأتاه بسر فقلته وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيد الله بن عباس وفيه ابنان له صغيران فذبحهما وهما: عبد الرحمن وقثم، وقال بعض: إنه وجدهما عند رجل من بني كنانه بالبادية فلما أراد قتلهما قال له الكناني: لم تقتل هذين ولا ذنب لهما؟ فإن كنت قاتلهما فاقتلني معهما، قال: أفعل. فبدأ بالكناني فقتله ثم قتلهما. فخرجت نسوة من بني كنانة فقالت امرأة منهن: يا هذا! قتلت الرجال، فعلام تقتل هذين؟ والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية والاسلام، والله يا بن أرطاة إن سلطانا لا يقوم إلا بقتل الصبي الصغير، والشيخ الكبير، ونزع الرحمة، وعقوق الأرحام، لسلطان سوء، وقتل بسر في مسيره ذلك جماعة من شيعة على باليمن وبلغ عليا الخبر.
تاريخ الطبري 6: 77 - 81، كامل ابن الأثير 3: 162 - 167، تاريخ ابن عساكر 3: 222، 459، الاستيعاب 1: 65، 66، تاريخ ابن كثير 7: 319 - 322، وفاء الوفاء 1: 31.
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب 1: 65: كان يحيى بن معين يقول: كان بسر بن أرطاة رجل سوء. قال أبو عمر: ذلك لأمور عظام ركبها في الاسلام فيما نقل أهل الأخبار وأهل الحديث أيضا منها: ذبحه ابني عبد الله بن العباس وهما صغيران بين يدي أمهما. وقال الدارقطني: لم تكن له استقامة بعد النبي عليه الصلاة والسلام وهو الذي قتل طفلين لعبيد الله بن العباس. وقال أبو عمرو الشيباني: لما وجه معاوية بن أبي سفيان بسر بن أرطاة الفهري لقتل شيعة علي رضي الله عنه قام إليه معن أو عمرو بن يزيد السلمي وزياد بن الأشهب الجعدي فقال: يا أمير المؤمنين! نسألك بالله والرحم أن تجعل لبسر على قيس سلطانا فيقتل قيسا بما قتلت به بنو سليم من بني فهر وكنانة يوم دخل رسول الله صلى الله عليه وآله مكة. فقال معاوية: يا بسر لا إمرة لك على قيس فسار حتى أتى المدينة فقتل ابني عبيد الله وفر أهل المدينة ودخلوا الحرة حرة بني سليم. (قال أبو عمرو): وفي هذه الخرجة التي ذكر أبو عمرو الشيباني أغار بسر بن أرطاة على همدان