ربا غير غضبان، واستقبلني بروح وبريحان وإستبرق، ألا وإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ينتظر الصلاة علي، فعجلوا بي ولا تؤخروني، ثم كان بمنزلة حصاة رمي بها في الطست (1).
وفي لفظ: مات أخي الربيع فسجيته فضحك فقلت: يا أخي! أحياة بعد الموت؟
قال: لا، ولكني لقيت ربي فلقيني بروح وريحان ووجه غير غضبان، فقلت: كيف رأيت الأمر؟ قال: أيسر مما تظنون، فذكر لعائشة فقالت: صدق ربعي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أمتي من يتكلم بعد الموت (2).
قال الأميني: لست أدري لماذا استحال القوم القول بالرجعة، وليست هي إلا رجوع الحياة للميت بعد زهوق النفس، وهم يروون أمثال هذه الرواية وما مر في ص 103 مخبتين إليها من دون أي غمز بها، وإن مغزاها إلا من مصاديق الرجعة. نعم لهم أن يناقشوننا الحساب باقترابها من الموت وبعدها عنه، أو بطول أمدها وقصره، أو بقصر جوازها على تأييد المذهب فحسب، أو بحصر نطاقها بغير العترة الطاهرة فقط، غير إن هذه كلها لا تؤثر في جوهرية الامكان، ولا تصيره محظورا غير سائغ عقلا أو شرعا.
وشتان بين قصة ابن حراش هذه وبين ما جاء به ابن سعد في طبقاته 3: 273 عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: سمعت رجلا من الأنصار يقول: دعوت الله أن يريني عمر في النوم فرأيته بعد عشر سنين وهو يمسح العرق عن جبهته فقلت: يا أمير المؤمنين!
ما فعلت؟ فقال: الآن فرغت، ولولا رحمة ربي لهلكت. وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء ص 99.
وأخرج ابن الجوزي في سيرة عمر ص 205 عن عبد الله بن عمر قال: رأى عمر في المنام فقال: كيف صنعت؟ قال: خيرا. كاد عرشي يهوى لولا إني لقيت ربا غفورا.
فقال: منذ كم فارقتكم؟ فقلت: منذ اثنتي عشر سنة. فقال: إنما انفلت الآن من الحساب وروى نحوه الحافظ المحب الطبري في الرياض 2: 80.
هذا عمر الخليفة وحراجة موقفه في الحساب، لا يستقبله ربه بروح وريحان، ولا يكسوه ثيابا من إستبرق أخضر، ولا انتظر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يصلي عليه، وقد انفلت