نذيرا في الأولين، ورسولا في الآخرين بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، فصدع صلى الله عليه وآله بما أمر به، وبلغ ما حمل، و نصح لامته، وجاهد في سبيل ربه، ودعا إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وصبر على ما أصابه في جنبه، وعبده صادقا مصدقا صابرا محتسبا لا وانيا ولا مقصرا، حتى أتاه اليقين.
وأشهد أن الدين كما شرع، والكتاب كما تلا، والحلال ما أحل، و الحرام ما حرم، والفصل ما قضى، والحق ما قال، والرشد ما أمر، وأن الذين كذبوه وخالفوه، وكذبوا عليه، وجحدوا حقه، وأنكروا فضله واتهموه، وظلموا وصيه واعتدوا عليه، وغصبوه خلافته، ونقضوا عهده فيه، وحلوا عقده له، وأسسوا الجور والظلم والعدوان على آله، وقتلوهم وتولوا غيرهم، ذائقوا العذاب الأليم، في أسفل درك من الجحيم، لا يخفف عنهم من عذابها وهم فيه مبلسون، ملعونون ناكسوا رؤسهم. فعاينوا الندامة والخزي الطويل، مع الأرذلين الأشرار، قد كبوا على وجوههم في النار، وأن الذين آمنوا به و صدقوه ونصروه ووقروه وأجابوه وعزروه واتبعوه، واتبعوا النور الذي انزل معه، أولئك هم المفلحون، في جنات النعيم، والفوز العظيم، والغبطة والسرور والملك الكبير والثواب المقيم في المقام الكريم.
فجزاه عنا أحسن الجزاء وخير ما جزى نبيا عن أمته، ورسولا عمن ارسل إليه، وخصه بأفضل قسم الفضائل، وبلغه أعلى شرف المكرمين، من الدرجات العلى في أعلى عليين، في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر وأعطاه حتى يرضى، وزاده بعد الرضا، وجعله أقرب الخلق منه مجلسا، و أدناهم إليه منزلا، وأعظمهم عنده جاها، وأعلاهم لديه كعبا، وأحسنهم عليه ثناء، وأول المتكلمين كلاما، وأكثر النبيين أتباعا، وأوفر الخلق نصيبا وأجز لهم حظا في كل خير هو قاسمه بينهم، وأحسن جزاءه عن جميع المؤمنين من الأولين والآخرين