بخلقه، شاهد لكل نجوى، وهو الوكيل على كل شئ، والمنير لكل شئ والمدبر للأشياء كلها تعالى الله عن أن يكون على عرشه علوا كبيرا، وأما قوله: " وجاء ربك والملك صفا صفا " (1) وقوله: " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة " (2) وقوله: " هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة " (3) وقوله: " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك " (4) فان ذلك حق كما قال الله عز وجل وليس له جيئة كجيئة الخلق، وقد أعلمتك أن رب شئ من كتاب الله تأويله على غير تنزيله، ولا يشبه كلام البشر، وسأنبئك بطرف منه، فتكتفي إنشاء الله.
من ذلك، قول إبراهيم عليه السلام: " إني ذاهب إلى ربي سيهدين " (5) فذهابه إلى ربه توجهه إليه عبادة واجتهادا، وقربة إلى الله جل وعز، ألا ترى أن تأويله غير تنزيله، وقال: " وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد " (6) يعني السلاح وغير ذلك.
وقوله: هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة " يخبر محمدا صلى الله عليه وآله عن المشركين والمنافقين الذين لم يستجيبوا لله ولرسوله، فقال: هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة حيث لم يستجيبوا لله ولرسوله أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك يعني بذلك العذاب في دار الدنيا كما عذب القرون الأولى، فهذا خبر يخبر به النبي صلى الله عليه وآله عنهم.
ثم قال: " يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " يعني من قبل أن تجئ هذه الآية، وهذا الآية طلوع الشمس من مغربها، وإنما يكتفي أولوا الألباب والحجى وأولوا النهى