وفناؤه أي أحسن ما هو موجود عندكم وحاضر لديكم من الزاد، وهو التقوى، قال الله تعالى " وتزودوا فان خير الزاد التقوى " (1) والزاد طعام يتخذ للسفر، و يحتمل أن يكون المراد هنا ما ينتفع به في الدنيا من أسبابها، وبالأحسن ما يمكن أن يكون وسيلة لتحصيل الآخرة، ولعله أنسب بما بعده.
وفي الفقيه " بأحسن ما بحضرتكم ولا تطلبوا منها أكثر من القليل ولا تسألوا منها فوق الكفاف وارضوا منها باليسير ولا تمدن أعينكم منها إلى ما متع المترفون به واستهينوا بها ولا توطنوها، وأضروا بأنفسكم فيها، وإياكم والتنعم والتلهي والفاكهات وفي بعض النسخ والفكاهات فان في ذلك غفلة واغترارا ألا إن الدنيا ".
وفي النهج؟ " ولا تسألوا فيها فوق الكفاف ولا تطلبوا منها أكثر من البلاغ " والكفاف بالفتح ما كف عن الناس وأغنى، والبلاغ ما يتبلغ به ويتوسل إلى المطلوب.
" ولا تمدوا أعينكم " أي لا تنظروا نظر رغبة أو لا تطمحوا بأنفسكم طموح راغب " إلى ما متع به المترفون " أي أنعم على الذين أترفتهم وأطغتهم النعم من الأموال والأولاد، وغير ذلك من زهرات الدنيا، فإنها في معرض الزوال والفناء مع ما يتبعها من الحساب والجزاء، قال الفيروزآبادي المترف كمكرم المتروك يصنع ما يشاء لا يمنع، والمتنعم لا يمنع من تنأمه " واستهينوا بها " أي عدوها هينا حقيرا ولا تستعظموها " ولا توطنوها " أي لا تعدوها وطنا بل منزلا ومعبرا تنتقلون منها إلى دار القرار والمراد به النهي عما هو لازم التوطن من سكون القلب إليها، والسعي في عمارتها، وترك الاستعداد للخروج عنها.
" وأضروا فيها بأنفسكم " بتحمل مشقة الطاعات وترك المشتهيات واللذات والاكتفاء بالقليل من الحلال في المأكل والملبس وغيرهما، والتنعم التلذذ بالنعم، ولعل المراد هنا شدة الاعتناء بها وكثرة السعي في تحصيلها، أو يحمل على ما إذا