حصلت من حرام أو شبهة، ويحتمل الأعم على الكراهة، لكن ينافيه كثير من الاخبار وقد مر الكلام فيه في كتاب مكارم الأخلاق.
والتلهي الاشتغال بما يلهي ويغفل عن الآخرة وتحصيلها " والفاكهات " أي السعي في تحصيل أنواع الفواكه والاعتناء بها أو المفاكهة، والممازحة والفكاهات أظهر، قال الجوهري الفكاهة بالضم المزاح، وبالفتح مصدر فكه الرجل بالكسر فهو فكه، إذا كان طيب النفس مزاحا، والفكه أيضا الأشر البطر " ألا وإن الدنيا قد تنكرت " أي تغيرت عن حال تسرك إلى حال تكرهها، والنكرة ضد المعرفة والتنكر إما إظهار عدم المعرفة أو تغيره إلى حال لا تعرفه فشبه عليه السلام الدنيا بشخص أقبل عليك ووعدك بمواعيد من الإعانة والموافقة والاحسان ثم تغير كأنه لا يعرفك، وأدبر عنك وأعلمك بأنه يفارقك ولا تنتفع منه بشئ وإدبارها كناية عن سرعة تصرمها وتطرق النقص والفناء إلى متاعها، من صحة و شباب، وجاه ومال، وذلك علة لاقبال الآخرة التي تتلوها.
والايذان الاعلام، والوداع بالفتح الاسم من التوديع، وهو تخليف المسافر الناس خافضين وهم يودعونه تفائلا بالدعة التي تصير إليها إذا رجع، والاطلاع الاشراف من مكان عال، والمقبل إلى الانحدار أحرى بالوصول، وقيل إسناد الاشراف إلى رب الآخرة، وعبر بها للتعظيم، كما يكنى عن الفاضل بمجلسه وحضرته ولا يخفى بعده.
وفي النهج " أما بعد فان الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع، وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع " وفي الفقيه " ألا إن الدنيا قد تنكرت وأدبرت واحلولت وفي بعض النسخ واحلوت وآذنت بوداع ألا وإن الآخرة قد رحلت فأقبلت وأشرفت وآذنت باطلاع " يقال حلا الشئ واحلولى إذا صار حلوا، وأحلوت باثبات الواو خلاف القياس، وكأنه تصحيف " قد رحلت " أي متوجهة إليك.
" ألا وإن المضمار اليوم وغدا السباق ألا وإن السبقة الجنة والغاية النار "