واعلم أنه لما كان سدانة بيت المقدس وتعمير بيوت الله في بني إسرائيل لهارون وأولاده عليه السلام، فكذا كانت الإمامة والخلافة وسدانة بيوت الله لأمير المؤمنين وأولاده عليهم السلام لأنه كان من رسول الله صلى الله عليه وآله بمنزلة هارون من موسى باتفاق الخاص والعام فتفطن.
وأما الآيات التي وقعت على أرض مصر، فهي معروفة، وقد مر ذكرها في محلها.
" وبرحمتك التي مننت بها " أي أنعمت بها، ومن عليه بكذا أي أنعم، و الفرق بين الخلق والخليقة أن الخلق الناس، والخليقة البهائم والدواب، وفي حديث ذي الثدية " هو شر الخلق والخليقة ".
" وباستطاعتك التي أقمت بها العالمين " الاستطاعة هنا القدرة والمشية، وأقمت بها العالمين أي صورتهم وأحسنت نظامهم " لم تستقلها الأرض " أي لم تطق حملها والمراد عظم شأن الخمسة المتقدمة وجلالة قدرها أي لو كانت أجساما لكانت الأرض عاجزة عن حملها إذ لو ظهر شئ من آثارها وأنوارها على الأرض لتقطعت.
" وانخفضت لها السماوات وانزجر لها العمق الأكبر " قال الكفعمي - ره -:
الانخفاض الانحطاط، وهنا كناية عن الذلة والاذعان والانقياد، والزجر المنع، والعمق الأكبر باسكان الميم وضمها إشارة إلى تخوم الأرض، قال الجوهري: العمق والعمق قعر البئر والفج والوادي، وهو أيضا ما بعد من أطراف المفاوز، وعمق النطر في الأمور أي أبعد.
ويجوز أن يكون المعنى وانخفض لتلك الأمور ما في السماوات وانزجر لها ما في الأرض وتخومها، كقولك إن السهل والجبل للسلطان أي ما في السهل وما في الجبل، وتكون المطابقة بين السماء والأرض حاصلة معنا إن لم تكن لفظا لان الجمع بينهما أنبأ عن القدرة وأدل على الإلهية، كما جمع في الأسماء الحسنى بين الرافع والخافض، والمعز والمذل، والمحيي والمميت، والأول والاخر ونحو ذلك لأنك مثلا إذا ذكرت القابض مفردا عن الباسط كنت كأنك قد قصرت