قوم شرحت قلوبهم بالشبهة، وتطاولوا على غيرهم بالفرية (1) وحسبوا أنها لله قربة وذلك لأنهم عملوا بالهوى، وغيروا كلام الحكماء، وحرفوه بجهل وعمى، و طلبوا به السمعة والرياء (2) بلا سبيل قاصدة، ولا أعلام جارية، ولا منار معلوم إلى أمدهم، وإلى منهلهم واردوه (3) وحتى إذا كشف الله لهم عن ثواب سياستهم (4) و استخرجهم من جلابيب غفلتهم، استقبلوا مدبرا واستدبروا مقبلا، فلم ينتفعوا بما أدركوا من أمنيتهم ولا بما نالوا من طلبتهم ولا ما قضوا من وطرهم (5) وصار ذلك عليهم وبالا فصاروا يهربون مما كانوا يطلبون.
وإني أحذركم هذه المزلة وآمركم بتقوى الله الذي لا ينفع غيره، فلينتفع بنفسه إن كان صادقا على ما يجن ضميره (6) فإنما البصير من سمع وتفكر ونظر وأبصر وانتفع بالعبر وسلك جددا واضحا (7) يتجنب فيه الصرعة في الهوى، ويتنكب طريق العمى، ولا يعين على فساد نفسه الغواة بتعسف في حق أو تحريف في نطق أو تغيير