يا كميل إنما حظي من حظى بدنيا زائلة مدبرة ونحظى بآخرة باقية ثابتة.
يا كميل إن كلا يصير إلى الآخرة والذي نرغب فيه منها رضى الله والدرجات العلى من الجنة التي يورثها من كان تقيا.
يا كميل من لا يسكن الجنة فبشره بعذاب أليم وخزي مقيم.
يا كميل أنا أحمد الله على توفيقه وعلى كل حال، إذا شئت فقم.
39 - الإرشاد: (1) من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ما اشتهر بين العلماء وحفظه ذووا الفهم والحكماء.
أما بعد أيها الناس فإن الدنيا قد أدبرت وآذنت بوداع، وإن الآخرة قد أقبلت وأشرفت باطلاع. ألا وإن المضمار اليوم وغدا السباق، والسبقة الجنة والغاية النار. ألا وإنكم في أيام مهل من ورائه أجل يحثه عجل، فمن أخلص الله عمله لم يضره أمله، ومن بطأ به عمله في أيام مهله قبل حضور أجله فقد خسر عمله وضره أمله. ألا فاعملوا في الرغبة والرهبة، فإن نزلت بكم رغبة فاشكروا الله، واجمعوا معها رهبة، وإن نزلت بكم رهبة فاذكروا الله، واجمعوا معها رغبة، فإن الله قد تأذن للمحسنين بالحسنى، ولمن شكره بالزيادة، ولا كسب خير من كسب ليوم تدخر فيه الذخائر، وتجمع فيه الكبائر، وتبلى فيه السرائر، وإني لم أر مثل الجنة نام طالبها، ولا مثل النار نام هاربها. ألا وإنه من لا ينفعه اليقين يضره الشك ومن لا ينفعه حاضر لبه ورأيه فغائبه عنه أعجز. ألا وإنكم قد أمرتم بالظعن ودللتم على الزاد، وإن أخوف ما أخاف عليكم اثنان: اتباع الهوى وطول الامل، لان اتباع الهوى يصد عن الحق وطول الامل ينسي الآخرة. ألا وإن الدنيا قد ترحلت مدبرة وأن الآخرة قد ترحلت مقبلة، ولكل واحدة منهما بنون فكونوا إن استطعتم من أبناء الآخرة، ولا تكونوا من أبناء، الدنيا، فإن اليوم عمل ولا حساب وغدا حساب ولا عمل.