مثل أجورهم ولا ينقص ذلك من أجرهم شئ، وانظر إلى الوضوء فإنه من تمام الصلاة، تمضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاثا، واغسل وجهك ثم يدك اليمنى ثم اليسرى ثم امسح رأسك ورجليك فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع ذلك، واعلم أن الوضوء نصف الايمان ثم ارتقب وقت الصلاة فصلها لوقتها، ولا تعجل بها قبله لفراغ، ولا تؤخرها عنه لشغل، فان رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وآله عن أوقات الصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أتاني جبرئيل عليه السلام وقت الصلاة حين زالت الشمس فكانت على حاجبه الأيمن، ثم أتاني وقت العصر فكان ظل كل شئ مثله، ثم صلى المغرب حين غربت الشمس، ثم صلى العشاء الآخرة حين غاب الشفق ثم صلى الصبح فأغلس بها والنجوم مشبكة فصل لهذه الأوقات. وألزم السنة المعروفة والطريق الواضح، ثم انظر ركوعك وسجودك فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان أتم الناس صلاة وأخفهم عملا فيها.
واعلم أن كل شئ من عملك تبع لصلاتك فمن ضيع الصلاة فإنه لغيرها أضيع، أسأل الله الذي يرى ولا يرى وهو بالمنظر الاعلى أن يجعلنا وإياك ممن يحب ويرضى حتى يعيننا وإياك على شكره وذكره، وحسن عبادته وأداء حقه وعلى كل شئ اختار لنا في ديننا ودنيانا وآخرتنا. وأنتم يا أهل مصر فليصدق قولكم فعلكم وسركم علانيتكم، ولا تخالف ألسنتكم قلوبكم، واعلموا أنه لا يستوي إمام الهدى وإمام الردى ووصي النبي صلى الله عليه وآله وعدوه. إني لا أخاف عليكم مؤمنا ولا مشركا، أما المؤمن فيمنعه الله بإيمانه وأما المشرك فيحجزه الله عنكم بشركه ولكني أخاف عليكم المنافق، يقول ما تعرفون، ويعمل ما تنكرون.
يا محمد بن أبي بكر اعلم أن أفضل العفة الورع في دين الله، والعمل بطاعته وإني أوصيك بتقوى الله في أمر سرك وعلانيتك، وعلى أي حال كنت عليه، الدنيا دار بلاء ودار فناء والآخرة دار الجزاء ودار البقاء، واعمل لما يبقى واعدل عما يفنى ولا تنس نصيبك من الدنيا.
أوصيك بسبع هن جوامع الاسلام: تخشى الله عز وجل ولا تخشى الناس في الله.