بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٧٤ - الصفحة ٢٨٨
صديقك ليوم يركبك عدوك. من غضب على من لا يقدر أن يضره طال حزنه وعذب نفسه. من خاف ربه كف ظلمه. ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة. إن من الفساد إضاعة الزاد. ما أصغر المصيبة مع عظم الفاقة غدا. وما مناكرتم إلا لما فيكم من المعاصي والذنوب (1). ما أقرب الراحة من التعب. والبؤس من التغيير (2).
ما شر بشر بعده الجنة. وما خير بخير بعده النار. وكل نعيم دون الجنة محقور وكل بلاء دون النار عافية. عند تصحيح الضمائر تبدو الكبائر (3). تصفية العمل أشد من العمل. وتخليص النية عن الفساد أشد على العاملين من طول الجهاد. هيهات لولا التقى كنت أدهى العرب (4). عليكم بتقوى الله في الغيب والشهادة (5)، و كلمة الحق في الرضى والغضب، والقصد في الغنى والفقر، وبالعدل على العدو و الصديق، وبالعمل في النشاط والكسل، والرضى عن الله في الشدة والرخاء. ومن كثر كلامه كثر خطأوه، ومن كثر خطأوه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه.
ومن قل ورعه مات قلبه، ومن مات قلبه دخل النار. من تفكر اعتبر. ومن اعتبر

(١) في الروضة " هيهات هيهات وما تناكرتم الا لما فيكم من المعاصي والذنوب " أي ليس تناكرتم الا لذنوبكم وعيوبكم.
(٢) وفى الروضة وبعض النسخ " من النعيم " والمراد بالتغيير سرعة تقلب أحوال الدنيا.
(٣) أي إذا أراد الانسان تصحيح ضميره عن النيات الفاسدة والأخلاق الذميمة تظهر له العيوب الكبيرة الكامنة في النفس والأخلاق الذمية التي خفيت عليه تحت أستار الغفلات.
(٤) الدهاء جودة الرأي، والحذق وبمعنى المكر والاحتيال وهو المراد ههنا. وفى الروضة " لولا التقى لكنت أدهى العرب " ومن كلام له عليه السلام " والله ما معاوية بأدهى منى ولكنه يغدر ويفجر. ولولا كراهية الغدر لكنت من أدهى الناس، ولكن كل غدرة فجرة وكل فجرة كفرة. ولكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة. والله ما استغفل بالمكيدة ولا استغمز بالتشديدة ".
(٥) قد مضى هذا الكلام إلى آخر الخطبة في وصيته صلوات الله عليه لابنه الحسين عليه السلام ولم يذكر في الروضة وفيها بعد هذا الكلام " أيها الناس ان الله عز وجل وعد نبيه محمدا صلى الله عليه وآله الوسيلة ووعد الحق " إلى آخر ما خطبه عليه السلام.
(٢٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 ... » »»
الفهرست