أشبع كافرا كان حقا على الله أن يملا جوفه من الزقوم، مؤمنا كان أو كافرا (1).
تبيان: " من أشبع الخ " لا فرق في ذلك بين البادي والحاضر لعموم الاخبار خلافا لبعض العامة حيث خصوه بالأول لان في الحضر مرتفقا وسوقا، ولا يخفى ضعفه " مؤمنا كان " أي المطعم " والزقوم " شجرة تخرج في أصل الجحيم طلعها كأنه رؤس الشياطين منبتها قعر جهنم، أغصانها انتشرت في دركاتها، ولها ثمرة في غاية القبح والمرارة والبشاعة، ويدل ظاهرا على عدم جواز إطعام الكافر مطلقا حربيا كان أو ذميا، قريبا كان أو بعيدا، غنيا كان أو فقيرا، ولو كان مشرفا على الموت، والمسألة لا تخلو من إشكال، وللأصحاب فيه أقوال.
واعلم أن المشهور: لا يجوز وقف المسلم على الحربي وإن كان رحما لقوله تعالى " لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آبائهم أو أبنائهم الآية " (2) وربما قيل بجوازه لعموم قوله صلى الله عليه وآله " لكل كبد حرى أجر " وأما الوقف على الذمي ففيه أقوال أحدها المنع مطلقا وهو قول سلار وابن البراج والثاني الجواز مطلقا وهو مختار المحقق وجماعة، والثالث الجواز إذا كان الموقوف عليه قريبا دون غيره، وهو مختار الشيخين وجماعة، الرابع الجواز للأبوين خاصة اختاره ابن إدريس.
ثم الأشهر بين الأصحاب جواز الصدقة على الذمي، وإن كان أجنبيا للخبر المتقدم، ولقوله تعالى " لا ينهيكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم الآية " (3) ويظهر من بعض الأصحاب أن الخلاف في الصدقة على الذمي كالخلاف في الوقف عليه، ونقل في الدروس عن ابن أبي عقيل المنع من الصدقة على غير المؤمن مطلقا وروى عن سدير قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أطعم سائلا لا أعرفه مسلما؟ قال: نعم أعط من لا تعرفه بولاية ولا عداوة للحق إن الله