كالسارق في حرم الله " وما تقدموا لأنفسكم من خير " من مال تنفقونه في طاعة الله، فإن لم يكن [لكم مال] فمن جاهكم تبذلونه لاخوانكم المؤمنين تجرون به إليهم المنافع، وتدفعون به عنهم المضار " تجدوه عند الله " ينفعكم الله تعالى بجاه محمد وآله الطيبين يوم القيامة فيحط به سيئاتكم، ويضاعف به حسناتكم ويرفع به درجاتكم " إن الله بما تعملون بصير " عالم ليس يخفى عليه ظاهر فعل ولا باطن ضمير فهو يجازيكم على حسب اعتقاداتكم ونياتكم وليس هو كملوك الدنيا الذي يلبس على بعضهم فينسب فعل بعض إلى غير فاعله، وجناية بعض إلى غير جانيه فيقع عقابه وثوابه بجهله بما ليس عليه بغير مستحقه (1).
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: عباد الله! أطيعوا الله في أداء الصلوات المكتوبات، و الزكوات المفروضات، وتقربوا بعد ذلك إلى الله بنوافل الطاعات، فان الله عز وجل يعظم به المثوبات، والذي بعثني بالحق نبيا إن عبدا من عباد الله ليقف يوم القيامة موقفا يخرج عليه من لهب النار أعظم من جميع جبال الدنيا، حتى ما يكون بينه وبينها حائل، بينا هو كذلك قد تحير، إذ تطاير من الهواء رغيف أو حبة فضة قد واسى بها أخا مؤمنا على إضافته، فتنزل حواليه، فتصير كأعظم الجبال مستديرا حواليه، وتصد عنه ذلك اللهب، فلا يصيبه من حرها ولا دخانها شئ، إلى أن يدخل الجنة.
قيل: يا رسول الله صلى الله عليه وآله وعلى هذا ينفع مواساته لأخيه المؤمن؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله [إي] والذي بعثني بالحق نبيا إنه لينتفع بعض المؤمنين بأعظم من هذا وربما جاء يوم القيامة [من] تمثل له سيئاته وحسناته وإساءته إلى إخوانه المؤمنين وهي التي تعظم وتتضاعف فتمتلئ بها صحائفه، وتفرق حسناته على خصمائه المؤمنين المظلومين بيده ولسانه، فيتحير ويحتاج إلى حسنات توازي سيئاته، فيأتيه أخ له مؤمن قد كان أحسن إليه في الدنيا فيقول له: قد وهبت لك جميع حسناتي بإزاء ما كان منك إلي في الدنيا، فيغفر الله له بها، ويقول لهذا المؤمن: فأنت بما ذا تدخل جنتي؟