فهم بين يديه، كما أن من يخدم بين يدي الملك أنقص مرتبة وأدنى منزلة ممن جلس عن يمينه، فالواو في قوله " وعن يمين الله " للتقسيم والأول أظهر لا سيما في الحديث النبوي صلى الله عليه وآله " ومناصحة الولاية " خلوص المحبة عن الغش، والعمل بمقتضاها وقوله " بتلك المنزلة " إشارة إلى المرتبة المركبة من الخصلتين الأوليين، أي إذا كانت منزلة أخيه عنده بحيث يحب له ما يحب لأعز أهله، ويكره له ما يكره لأعز أهله بثه همه، أو إشارة إلى مناصحة الولاية أي إذا كان منه بحيث يناصحه الولاية بثه همه أي الأخ للمرء، ويحتمل العكس، وقيل: إشارة إلى صلاحيته للاخوة والولاية.
وقوله عليه السلام " إن هو فرح " كأنه تأكيد أي إن كان فرحه فرحا واقعيا وكذا قوله " إن هو حزن " وقيل " إن " فيهما بمعنى " إذ " لمحض الظرفية كما هو مذهب الكوفيين في مثل قوله تعالى " لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله " (1) أي ينبغي أن يكون فرحه في وقت فرح أخيه لا قبله ولا بعده، وكذا الحزن، وقال الجوهري: بث الخبر وأبثه بمعنى أي نشره، يقال: أبثثتك سري أي أظهرته لك وقال: الهم الحزن، وأهمني الامر إذا أقلقك وحزنك.
قوله " ثلاث لكم " أي هذه ثلاث، والظرف صفة للثلاث، وثلاث بعده مبتدأ والظرف خبره، والثلاث الأول الحب والكراهة، والمناصحة، وقيل الفرح، والحزن والتفريج، ولا يخفى بعده، ثم بين عليه السلام الثلاث الذي لهم عليهم السلام بقوله " أن تعرفوا فضلنا " أي على سائر الخلق بالإمامة والعصمة، ووجوب الطاعة، أو نعمتنا عليكم بالهداية والتعليم، والنجاة من النار، واللحوق بالأبرار، " وأن تطؤا عقبنا " أي تتابعونا في جميع الأقوال والافعال، ولا تخالفونا في شئ " وأن تنتظروا عاقبتنا " أي ظهور قائمنا، وعود الدولة إلينا في الدنيا أو الأعم منها ومن الآخرة كما قال تعالى " والعاقبة للمتقين " " فمن كان هكذا " أي كانت فيه الخصال الست جميعا " فيستضئ بنورهم من هو أسفل منهم " في الرتبة بالنور الظاهر، لظلمة يوم القيامة، أو هو كناية عن انتفاعهم