الحيوانية التي مصدر أكثر أفاعيلها الروح الدماغي، فيكون كل الدماغ آلة. لكن الأخص بها التجويف الأوسط، لاستخدامها المتخيلة، ومحلها مؤخر ذلك التجويف ولا يستلزم كون الشئ آلة القوة كونه محلا لها، ليلزم توارد القوى على محل واحد كما توهم.
الرابع الحافظة وهي للوهم كالخيال للحس المشترك، ووجه تغايرهما (1) أن قوة القبول غير قوة الحفظ، والحافظة للمعاني غير الحافظة للصور. والكلام فيه كالكلام في ما تقدم. ويسميها قوم " ذاكرة " إذ بها الذكر، أعني ملاحظة المحفوظ بعد الذهول، و " متذكرة " إذ بها التذكر أي الاحتيال لاستعراض الصور بعدما اندرست.
ومحلها أول التجويف الآخر من الدماغ.
والخامس المتخيلة المركبة للصور المحسوسة الجزئية المتعلقة بها بعضها مع بعض، والمفصلة بعضها عن بعض. تركيب الصورة بالصورة كما في قولك " صاحب هذا اللون المخصوص له هذا الطعم المخصوص " وتركيب المعنى بالمعنى كما في قولك " ماله هذه العداوة له هذه النفرة " وتركيب الصورة بالمعنى كما في قولك " صاحب هذه الصداقة له هذا اللون " وتفصيل الصورة عن الصورة كما في قولك " هذا اللون ليس هذا الطعم " وقس على هذا. وقال بعضهم: هي مرتبة في مقدم التجويف الأوسط من الدماغ، من شأنها تركيب بعض ما في الخيال أو الحافظة من الصور والمعاني مع بعض وتفصيل بعضها عن بعض، فتجمع أجزاء أنواع مختلفة، كجعلها حيوانا من رأس انسان وعنق جمل وظهر نمر، ويفرق أجزاء نوع واحد كإنسان بلا رأس، ولا يسكن عن فعلها دائما لا نوما ولا يقظة، وهي المحاكية للمدركات والهيئات المزاجية، وتنتقل إلى الضد والشبيه، فما في القوى الباطنة أشد شيطنة منها، ليس من شأنها أن يكون عملها منتظما، بل النفس هي التي تستعملها على أي نظام أرادت، فتسمى عند استعمال النفس إياها بواسطة الوهم بالمتخيلة، وعند استعمالها إياها بواسطة القوة