محل فيلزم ارتسام صورة في غاية العظم في جزء في غاية الصغر.
وأجيب بأنه قياس للصور على الأعيان وهو باطل، فإنه لا استحالة ولا استبعاد في توارد الصور على محل واحد مع تمايزها، ولا في ارتسام صورة العظيم في المحل الصغير، وإنما ذلك في الأعيان الحالة في محالها، حلول العرض في الموضوع، أو الجسم في المكان.
الثالث الوهم وهي القوة المدركة للمعاني الجزئية الموجودة في المحسوسات كالعداوة المعينة من زيد، وقيد بذلك لان مدرك العداوة الكلية هو النفس.
والمراد بالمعاني مالا يدرك بالحواس الظاهرة، فيقابل الصور أعني ما يدرك بها. فإدراك تلك المعاني دليل على وجود قوة بها إدراكها، وكونها مما لم يتأد من الحواس دليل على مغايرتها للحس المشترك، وكونها جزئية دليل على مغايرتها للنفس الناطقة بناء على أنها لا تدرك الجزئيات بالذات. هذا مع وجودها في الحيوانات العجم كإدراك الشاة معنى في الذئب. بقي الكلام في أن القوة الواحدة لما جاز أن تكون آلة لادراك أنواع المحسوسات لم لا يجوز أن تكون آلة لادراك معانيها أيضا؟
وأما إثبات ذلك بأنهم جعلوا من أحكام الوهم ما إذا رأينا شيئا أصفر فحكمنا بأنه عسل وحلو فيكون الوهم مدركا للحلاوة والصفرة العسل جميعا ليصح الحكم وبأن مدرك عداوة الشخص مدرك له ضرورة. فضعيف لان الحاكم حقيقة هو النفس فيكون المجموع من الصور والمعاني حاضرا عندها بواسطة الآلات كل منها بآلتها الخاصة، ولا يلزم كون محل الصور والمعاني قوة واحدة. لكن يشكل بأن مثل هذا الحكم قد يكون للحيوانات العجم التي لا يعلم وجود النفس الناطقة لها. كذا ذكره في شرح المقاصد.
وقد يستدل على وجودها بأن في الانسان شيئا ينازع عقله في قضاياه، كما يخاف الانفراد بميت يقتضي عقله الامن منه، وربما يغلب التخويف على التأمين.
فهو قوة باطنية غير عقله. وقيل: محل هذه القوة التجويف الأوسط من الدماغ وآلتها الدماغ كله، لأنها الرئيس المطلق في الحيوان، ومستخدمة سائر القوى