حادة، وانعكست الخطوط القريبة منه إلى باقي أجزاء الوجه فيرى الوجه. وإذا كانت المرآة غير مقابلة للبصر على الوجه المذكور لم ينعكس الشعاع إليه، بل إلى جسم آخر من شأنه أن تتساوى به الزاويتان المذكورتان. فالمرئي في المرآة إنما هو الأمر الخارجي لكن لما رؤي بالشعاع الذي رؤي به المرآة يظن أنه في المرآة وليس موجودا في المرآة، وإذا كان الوجه قريبا من المرآة والخطوط المنعكسة قصيرة يظن أن صورة المرئي قريبة من سطح المرآة، وإذا كان الوجه بعيدا عنها والخطوط المنعكسة طويلة يظن الصورة غائرة فيها. وأورد عليه وجوه من الايراد المذكورة في محالها.
الثاني مذهب أصحاب الانطباع، وتوضيحه أنه كما أن القوة الباصرة بحيث إذا قابلت جسما ملونا مضيئا ارتسمت صورته فيها، فكذلك هي بحيث إذا قابلت جسما صقيلا ارتسمت صورتها في الباصرة مع صورة مقابل ذلك الجسم الصقيل وترتسم في جزء ارتسمت فيه صورة المرآة. وشرط الانعكاس عندهم أيضا ما مر من كون الجسم المقابل من المرآة مثل مقابلة المرآة للمبصر بحيث تتساوى زاويتا الشعاع والانعكاس من الخطوط الشعاعية الموهومة المفروضة المستقيمة.
الثالث مذهب سخيف ضعيف، وهو أن الصورة ينطبع في المرآة.
الرابع مذهب أفلاطون ومن سبقه وتبعه من الإشراقيين، حيث أثبتوا عالما آخر سوى هذا العالم الجسماني الذي هو المحدد للجهات مع ما فيه من الاجرام الفلكية والأجسام العنصرية، وهو عالم متوسط بينه وبين عالم المجردات العقلية الصرفة المنزهة عن المقدار والحيز والجهة والشكل. فإن أشخاص هذا العالم صور مثالية، وأشباح برزخية، مجردة عن الطبائع والمواد، نورانية، يسمى ذلك العالم عالم المثال. وقالوا: إن الصور المرئية في المرايا وغيرها من الأجسام الصقيلة والصور المتخيلة وأمثالها صور موجودة قائمة بنفسها، إذ لو كانت الصور في المرآة لما اختلف رؤية الشئ باختلاف مواضع نظرنا إليها، ولو كانت في الهواء لم يمكن أن ترى لان الهواء شفاف لم يمكن أن يرى وكذا ما حل فيه، وليست هي صورتك بعينها بأن ينعكس الشعاع من المرآة إليك لبطلان القول بالشعاع لوجوه مذكورة في كتب