والسفر بالتحول عن المنزل. ومن هنا أن العطش خير من الري، والفقر من الغنا والمضروب والمجروح والمقذوف أحسن حالا من الفاعل.
وقد يتغير بالزيادة والنقصان، كالبكاء إنه فرح، وإن كان معه صوت ورنة فمصيبة، وفي الضحك إنه حزن، فإن كان تبسما فصالح، وفي الجوز مال مكنون فإن سمعت له قعقعة فهو خصومة، والدهن في الرأس زينة، فإن سال عن الوجه فهو غم والزعفران ثناء حسن، فإن ظهر له لون فهو مرض أو هم، والمريض يخرج من منزله ولا يتكلم فهو موته فإن تكلم برأ، والفأر نساء، فإن اختلفت ألوانها إلى البيض و السود فهي الأيام والليالي، والسمك نساء، فإذا عرف عددها فإن كثر فغنيمة.
وقد يتغير التأويل عن أصله باختلاف حال الرائي كالغل في النوم مكروه، وهو في حق الرجل الصالح قبض اليد عن الشر. وقال ابن سيرين: نقول في الرجل يخطب على المنبر يصيب سلطانا، فإن لم يكن من أهله يصلب، وسأل رجل ابن سيرين عن الأذان فقال: الحج، وسأله آخر فأول بقطع السرقة، وقال رأيت الأول في سيماء حسنة فتأولت " وأذن في الناس بالحج " (1) ولم أرض هيئة الثاني فأولت: فأذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون " (2).
وقد يرى فيصيبه عين ما رأى حقيقة من ولاية أو حج أو قدوم غائب أو خير أو نكبة وقد رأى النبي صلى الله عليه وآله عام الفتح فكان كذلك، قال تعالى: " لقد صدق الله رسوله الرؤيا " (3) وروى الزهري عن ابن خزيمة بن ثابت عن عمه: أن خزيمة رأى أنه سجد على جبهة النبي صلى الله عليه وآله فأخبره، فاضطجع له وقال: صدق رؤياك، فسجد على جبهته. وقد يرى في المنام الشئ فيكون لولده أو قريبه أو سميه. فقد أرى النبي صلى الله عليه وآله متابعة أبي جهل معه فكان لابنه عكرمة، فلما أسلم قال صلى الله عليه وآله: هو هذا. ورأي لأسيد بن العاص ولاية مكة فكان لابنه عتاب ولاه النبي صلى الله عليه وآله مكة. وروى البخاري بإسناده عن ابن سيرين عن قيس بن عباد قال: كنت جالسا في مسجد المدينة في ناس فيهم بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فدخل