أما العناقيد الثلاثة فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن ثم يخرجك الملك في يوم الرابع وتعود إلى ما كنت عليه والرب المالك. وأما الآخر أي صاحب الطعام روي أنه قال:
بئس ما رأيت، أما السلاسل الثلاث فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن فيخرجك الملك فيصلبك فتأكل الطير من رأسك، فقال عند ذلك: ما رأيت شيئا وكنت ألعب فقال يوسف " قضي الامر الذي فيه تستفتيان " أي فرغ من الامر الذي تسألان وتطلبان معرفته وما قلته لكما فإنه نازل بكما وهو كائن لا محالة (1).
" وقال الملك " قال النيسابوري: لما دنا فرج يوسف أراه الله في المنام سبع بقرات سمان خرجن من نهر يابس، وسبع بقرات عجاف، فابتلعت العجاف السمان، ورأي سبع سنبلات خضر قد انعقد حبها، وسبعا اخر يابسات قد استحصدت وأدركت فالتوت اليابسات على الخضر حتى غلبن عليها، فاضطرب الملك بسببه لان فطرته قد شهدت بأن استيلاء الضعيف على القوي منذر بنوع من أنواع الشر، إلا أنه لم يعرف تفصيله فجمع الكهنة والمعبرين وقال: " يا أيها الملا أفتوني في رؤياي " ثم إنه تعالى إذا أراد أمرا هيأ أسبابه، فأعجز الله أولئك الملا عن جواب المسألة وعماه عليهم حتى قالوا:
إنها أضغاث أحلام ونفوا عن أنفسهم كونهم عالمين بتأويلها.
واعلم أنه سبحانه خلق جوهر النفس الناطقة بحيث يمكنها الصعود إلى عالم الأفلاك ومطالعة اللوح المحفوظ، والمانع لها من ذلك هو اشتغالها بتدبير البدن وما يرد عليها من طريق الحواس، وفي وقت النوم تقل تلك الشواغل فتقوى النفس على تلك المطالعة، فإذا وقفت النفس على حالة من تلك الأحوال فإن بقيت في الخيال كما شوهدت لم تحتج إلى التأويل، وإن نزلت آثار مخصوصة مناسبة للادراك الروحاني إلى عالم الخيال فهناك يفتقر إلى المعبر. ثم منها ما هي متسقة منتظمة يسهل على المعبر الانتقال من تلك المتخيلات إلى الحقائق الروحانيات، ومنها ما تكون مختلطة مضطربة لا يضبط تحليلها وتركيبها لتشويش وقع في ترتيبها وتأليفها فهي المسماة بالأضغاث وبالحقيقة الأضغاث ما يكون مبدءها تشويش القوة المتخيلة لفساد وقع في القوى البدنية