لطيفا، فيستقيم أيضا، لان الأرواح ما لم تتعلق بالأبدان فهي مستقلة بنفسها، أرواح من جهة وأجساد من جهة، فهي أبدان نورانية لم تتعلق بها أرواح اخر، وعلى هذا فظل النور أيضا إضافته للبيان أو لامية، والمراد بالنور نور ذاته تعالى، فإنها من آثار ذلك النور الأقدس وظلاله، والمعنى دقيق. وربما يؤول النار بالعقل الفعال على طريقة الفلاسفة.
" وكان مؤيدا بروح واحد " [أي] في عالم الأرواح، أو في عالم الأجساد، والأول أظهر " ولذلك " أي لتأيدهم بذلك الروح في أول الفطرة الروحانية خلقهم في الفطرة الجسمانية " حلماء علماء - إلخ - " " ويصلون " كأنه تأكيد لما مر، أو المراد بقوله " خلقهم " خلقهم في عالم الأرواح، أي كانوا يعبدون الله في هذا العالم وكانوا فيه علماء بخلاف سائر الأرواح لتأيدهم حينئذ بروح القدس، فقوله عليه السلام " ويصلون " أي في عالم الأجساد فلا تكرار.
أقول: قد مرت أخبار كثيرة في ذلك في باب حدوث العالم.
قال شارح المقاصد: النفوس الانسانية سواء جعلناها مجردة أو مادية، حادثة عندنا لكونها أثر القادر المختار. وإنما الكلام في أن حدوثها قبل البدن لقوله صلى الله عليه وآله:
" خلق الله الأرواح قبل الأجساد بألفي عام " أو بعده لقوله تعالى - بعد ذكر أطوار البدن -:
" ثم أنشأناه خلقا آخر " (1) إشارة إلى إفاضة النفس، ولا دلالة في الحديث مع كونه خبر واحد على أن المراد بالأرواح النفوس البشرية أو الجوهر (2) العلوية، ولا في الآية على أن المراد إحداث النفس أو إحداث تعلقها بالبدن. وأما الفلاسفة فمنهم من جعلها قديمة، وذهب أرسطو وشيعته إلى أنها حادثة. ثم ذكر دلائل الطرفين واعترض عليها بوجوه أعرضنا عن ذكرها.