وقطعه. والمقدار الذي ذكره ابن الأنباري لا يقدح في جواب ابن قتيبة، لأنه لا ينكر أن يكون السبات هو الراحة والدعة إذا كانتا عن نوم، وإن لم توصف كل راحة بأنها سبات، ويكون هذا الاسم يخص الراحة إذا كانت على هذا الوجه، ولهذا نظائر كثيرة في الأسماء، وإذا أمكن ذلك لم يكن في امتناع قولهم سبت الرجل، بمعنى استراح في كل موضع دلالة على أن السبات لا يكون اسما للراحة عند النوم، والذي يبقى على ابن قتيبة أن يبين أن السبات هو الراحة والدعة، ويستشهد على ذلك بشعر أو لغة فإن البيت الذي ذكره يمكن أن يكون المراد به القطع، دون التمدد والاسترسال.
فإن قيل: فما الفرق بين جواب ابن قتيبة وجوابكم الذي ذكر تموه أخيرا؟
قلنا: الفرق بينهما بين، لان ابن قتيبة جعل السبات نفسه راحة، وجعله عبارة عنها وأخذ يستشهد على ذلك بالتمدد دون غيره، ونحن جعلنا السبات نفسه من صفات النوم والراحة واقعة عنده للامتداد وطول السكون فيه، فلا يلزمنا أن نقول: سبت الرجل بمعنى استراح، لان الشئ لا يسمى بما يقع عنده حقيقة، والاستراحة تقع على جوابنا عند السبات، وليس السبات إياها بعينها. على أن في الجواب الذي اختاره ابن الأنباري ضربا من الكلام، لان السبت وإن كان القطع على ما ذكره فلم يسمع فيه البناء الذي ذكره وهو السبات، ويحتاج في إثبات مثل هذا البناء إلى سمع عن أهل اللغة، وقد كان يجب أن يورد من أي وجه إذا كان السبت هو القطع جاز أن يقال سبات على هذا المعنى، ولم نره فعل ذلك (1).
1 - مجالس الصدوق: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن عيسى بن عبد الله، عن أبيه عبد الله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عليه السلام عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عن الرجل ينام فيرى الرؤيا فر بما كانت حقا، وربما كانت باطلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي ما من عبد ينام إلا عرج بروحه إلى رب العالمين، فما رأى عند رب العالمين فهو حق، ثم إذا أمر الله العزيز الجبار برد روحه إلى حسده، فصارت الروح بين السماء والأرض، فما