الروح من بدن إلى بدن غير الأبدان المثالية. فمما أجمع على نفيه جميع المسلمين وأما الاخبار الشاذة الواردة في ذلك فيشكل التعلق بظواهرها، كالخبر الذي أورده السائل، فهي إما مؤولة بالمسخ، أو بتصور الأجساد المثالية بتلك الصور، كما ذكرنا سابقا، وأما في الأجساد المثالية فقد تقدم القول فيها في كتاب المعاد، والله الهادي إلى الرشاد.
قال شارح المقاصد: القول بالتناسخ في الجملة محكي عن كثير من الفلاسفة إلا أنه حكاية لا تعضدها شبهة فضلا عن حجة، ومع ذلك فالنصوص القاطعة من الكتاب والسنة ناطقة بخلافها، وذلك أنهم ينكرون المعاد الجسماني، أعني حشر الأجساد وكون الجنة والنار داري ثواب وعقاب، ولذات وآلام حسية، ويجعلون المعاد عبارة عن مفارقة النفوس الأبدان، والجنة عن ابتهاجها بكمالاتها، والنار عن تعلقها بأبدان حيوانات اخر يناسبها فيما اكتسب من الأخلاق وتمكنت فيها من الهيئات، معذبة بما يلقى فيها من الذل والهوان، مثلا تتعلق نفس الحريص بالخنزير، والسارق بالفأر والمعجب بالطاووس، والشرير بالكلب، ويكون لها تدريج في ذلك بحسب الأنواع و الاشخاص، أي ينزل من بدن إلى بدن هو أدنى في تلك الهيئة المناسبة، مثلا يبتدئ نفس الحريص من التعلق ببدن الخنزير ثم إلى ما دونه في ذلك، حتى ينتهي إلى النمل ثم يتصل بعالم العقول عند زوال تلك الهيئة بالكلية.
ثم إن من المنتمين من التناسخية إلى دين الاسلام يروجون هذا الرأي بالعبارات المهذبة، والاستعارات المستعذبة، ويصرفون به إليه بعض الآيات الواردة في أصحاب العقوبات اجتراء على الله وافتراء على ما هو دأب الملاحدة والزنادقة، ومن يجري مجراهم من الغاوين المغوين، الذين هم شياطين الانس الذين يوحون إلى العوام والقاصرين من المحصلين زخرف القول غرورا.
فمن جملة ذلك ما قالوا في قوله تعالى " كلما نضجت جلودهم - أي بالفساد - بد لنا هم جلودا غيرها (1) أي - بالكون - " وفي قوله تعالى " كلما أرادوا أن يخرجوا منها (2) "