إن هذا الذي يدعو إليه لو لم يكن دينا لكان في الأخلاق حسنا أطيعوني واتبعوا أمري أسأل لكم مالا ينزع منكم أبدا، إنكم أصبحتم أكثر العرب عددا وأوسعهم بلدا وإني أرى أمرا لا يتبعه ذليل إلا عز ولا يتركه عزيز إلا ذل اتبعوه مع عزكم تزدادوا عزا، ولا يكن أحد مثلكم.
إن الأول لم يدع للأخير شيئا وإن هذا أمر هو لما بعده، من سبق إليه فهو الباقي، ومن اقتدي به الثاني، فاصرموا أمركم، فان الصريمة قوة والاحتياط عجز.
فقال مالك بن نويرة: خرف شيخكم فقال أكثم: ويل للشجي من الخلي أراكم سكوتا وآفة الموعظة الاعراض عنها، ويلك يا مالك إنك هالك، إن؟
إذا قام رفع القائم معه، وجعل الصرعى قياما، فإياك أن تكون منهم، أما إذ سبقتموني بأمركم فقربوا بعيري أركبه.
فدعا براحلته فركبها فتبعه بنوه وبنو أخيه فقال: لهفي على أمر إن أدركه ولم يسبقني وكتبت طيئ إلى أكثم وكانوا أخواله، وقال آخرون كتبت بنو مرة وكانوا أخواله أن أحدث إلينا ما نعيش به.
فكتب أما بعد فاني موصيكم بتقوى الله، وصلة الرحم، فإنها ثبت أصلها ونبت فرعها، وأنهاكم عن معصية الله وقطيعة الرحم فإنها لا يثبت لها أصل و لا ينبت لها فرع وإياكم ونكاح الحمقاء فان مباضعتها قذر، وولدها ضياع.
وعليكم بالإبل فأكرموها، فإنها حصون العرب، ولا تضعوا رقابها إلا في حقها فان فيها مهر الكريمة ورقوء الدم، وبألبانها يتحف الكبير ويغذى الصغير ولو كلفت الإبل الطحن لطحنت، ولن يهلك امرء عرف قدره، والعدم عدم العقل والمرء الصالح لا يعدم المال، ورب رجل خير من مائة ورب فئة أحب إلي من فئتين، ومن عتب على الزمان طالت معتبته، ومن رضي بالقسم طابت معيشته، آفة الرأي الهوى، والعادة أملك بالأدب، والحاجة مع المحبة خير من الغنى مع البغضة والدنيا دول فما كان منها لك أتاك على ضعفك، وإن قصرت في طلبه، وما كان منها