غلب الرجال فكان غير مغلب * دهر طويل دائم ممدود يوم إذا يأتي علي وليلة * وكلاهما بعد المضي يعود فلما حضرته الوفاة قال لابنه: يا بني إن أباك لم يمت ولكنه فني فإذا قبض أبوك فأغمضه وأقبل به إلى القبلة وسجه بثوبه، ولا أعلمن ما صرخت عليه صارخة أو بكت عليه باكية، وانظر جفنتي التي كنت أضيف بها فأجد صنعتها ثم احملها إلى مسجدك ومن كان يغشاني عليها فإذا قال الامام: " سلام عليكم " فقدمها إليهم يأكلون منها فإذا فرغوا فقل: احضروا جنازة أخيكم لبيد بن ربيعة فقد قبضه الله عز وجل ثم أنشأ يقول:
وإذا دفنت أباك فاجعل فوقه خشبا وطينا * وصفائحا صما رواسيها تشدد والغصونا ليقين حر الوجه سفساف التراب ولن يقينا وقد روي في حديث لبيد بن ربيعة في أمر الجفنة غير هذا: ذكروا أن لبيد ابن ربيعة جعل على نفسه أن كلما هبت الشمال أن ينحر جزورا فيملا الجفنة التي حكوا عنها في أول حديثه فلما ولى الوليد بن عقبة بن أبي معيط الكوفة خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قال: أيها الناس قد علمتم حال لبيد بن ربيعة الجعفري وشرفه ومروءته وما جعل على نفسه كلما هبت الشمال أن ينحر جزورا فأعينوا أبا عقيل على مروءته ثم نزل وبعث إليه بخمسة من الجزر وأبيات شعر يقول فيها:
أرى الجزار يشحذ شفرتيه * إذا هبت رياح أبي عقيل طويل الباع أبلج جعفري * كريم الجد كالسيف الصقيل وفى ابن الجعفري بما لديه * على العلات والمال القليل وقد ذكر أن الجزر كانت عشرين فلما أتته قال: جزى الله الأمير خيرا قد عرفت الأمير أني لا أقول الشعر ولكن أخرجي يا بنية فخرجت إليه بنية له خماسية فقال لها: أجيبي الأمير فأقبلت وأدبرت ثم قالت: نعم، فأنشأت تقول:
إذا هبت رياح أبي عقيل * دعونا عند هبتها الوليدا