وكتب معه: باسمك اللهم من العبد إلى العبد أما بعد فانا بلغنا ما بلغك فقد أتانا عنك خبر لا ندري ما أصله، فان كنت أريت فأرنا، وإن كنت علمت فعلمنا وأشركنا في كنزك والسلام.
فكتب إليه رسول الله فيما ذكروا: من محمد رسول الله إلى أكثم بن صيفي احمد الله إليك إن الله أمرني أن أقول لا إله إلا الله أقولها وآمر الناس بها والخلق خلق الله والامر كله لله، خلقهم وأماتهم، وهو ينشرهم وإليه المصير، أدبتكم بآداب المرسلين ولتسئلن عن النبأ العظيم، ولتعلمن نبأه بعد حين.
فلما جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله قال لابنه: يا بني ماذا رأيت؟ قال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، فجمع أكثم بن صيفي إليه بني تميم ثم قال: يا بني تميم لا تحضروني سفيها فان من يسمع يخل ولكل انسان رأي في نفسه، وإن السفيه واهن الرأي، وإن كان قوي البدن، ولا خير فيمن لا عقل له، يا بني تميم كبرت سني ودخلتني ذلة الكبر، فإذا رأيتم مني حسنا فأتوه وإذا أنكرتم شيئا فقولوا لي الحق (1) أستقم إن ابني قد جاءني وقد شافه هذا الرجل فرآه يأمر بمكارم الأخلاق وينهى عن ملائمها، ويدعو إلى أن يعبد الله وحده و تخلع الأوثان، ويترك الحلف بالنيران، ويذكر أنه رسول الله صلى الله عليه وآله وأن قبله رسلا لهم كتب، وقد علمت رسولا قبله كان يأمر بعبادة الله وحده، وإن أحق الناس بمعاونة محمد صلى الله عليه وآله ومساعدته على أمره أنتم، فان يكن الذي يدعو إليه حقا فهو لكم، وإن يكن باطلا كنتم أحق من كف عنه وستر عليه.
وقد كان أسقف نجران يحدث بصفته ولقد كان سفيان بن مجاشع قبله يحدث به وسمى ابنه محمدا، وقد علم ذوو الرأي منكم أن الفضل فيما يدعو إليه ويأمر به فكونوا في أمره أولا ولا تكونوا أخيرا، اتبعوه تشرفوا، وتكونوا سنام العرب وأتوه طائعين قبل أن تأتوه كارهين، فاني أرى أمرا ما هو بالهوينا لا يترك مصعدا إلا صعده، ولا منصوبا إلا بلغه.