وإلى وقتنا هذا باتفاق أهل السير، لا يعرف مستقره ولا يعرف أحد له أصحابا إلا ما جاء به القرآن من قصته مع موسى وما يذكره بعض الناس أنه يظهر أحيانا ويظن من يراه أنه بعض الزهاد، فإذا فارق مكانه توهمه المسمى بالخضر ولم يكن عرفه بعينه في الحال ولا ظنه فيها، بل اعتقد أنه بعض أهل الزمان.
وقد كان من غيبة موسى بن عمران عن وطنه وهربه من فرعون ورهطه ما نطق به القرآن ولم يظفر به أحد مدة من الزمان ولا عرفه بعينه، حتى بعثه الله نبيا و دعا إلى فعرفه الولي والعدو.
وكان من قصة يوسف بن يعقوب ما جاء به سورة في القرآن وتضمنت استتار خبره عن أبيه وهو نبي الله يأتيه الوحي صباحا ومساء يخفى عليه خبر ولده، وعن ولده أيضا حتى أنهم كانوا يدخلون عليه ويعاملونه ولا يعرفونه وحتى مضت على ذلك السنون والأزمان ثم كشف الله أمره وظهره خبره وجمع بينه وبين أبيه وإخوته وإن لم يكن ذلك في عادتنا اليوم ولا سمعنا بمثله.
وكان من قصة يونس بن متى نبي الله مع قومه وفراره منهم حين تطاول خلافهم له واستخفافهم بجفوته وغيبته عنهم وعن كل أحد حتى لم يعلم أحد من الخلق مستقره وستره الله في جوف السمكة وأمسك عليه رمقه لضرب من المصلحة إلى أن انقضت تلك المدة ورده الله إلى قومه. وجمع بينهم وبينه، وهذا أيضا خارج عن عادتنا وبعيد من تعارفنا وقد نطق به القرآن وأجمع عليه أهل الاسلام.
ومثل ما حكيناه أيضا قصة أصحاب الكهف وقد نطق بها القرآن وتضمن شرح حالهم واستتارهم عن قومهم فرارا بدينهم ولولا ما نطق القرآن به لكان مخالفونا يجحدونه دفعا لغيبة صاحب الزمان، وإلحاقهم به، لكن أخبر الله تعالى أنهم بقوا ثلاثمائة سنة مثل ذلك مستترين خائفين ثم أحياهم الله فعادوا إلى قومهم وقصتهم مشهورة في ذلك.
وقد كان من أمر صاحب الحمار الذي نزل بقصته القرآن وأهل الكتاب يزعمون أنه كان نبيا فأماته الله مائة عام ثم بعثه وبقي طعامه وشرابه لم يتغير وكان