خطائف أبصار الأنام، يا عالم خطرات قلوب العالمين، ويا شاهد لحظات أبصار الناظرين، يا من عنت الوجوه لهيبته، وخضعت الرقاب لجلالته، ووجلت القلوب من خيفته، وارتعدت الفرائص من فرقه يا بدئ يا بديع يا قوي يا منيع يا علي يا رفيع، صل على من شرفت الصلاة بالصلاة عليه، وانتقم لي ممن ظلمني، واستخف بي وطرد الشيعة عن بابي، وأذقه مرارة الذل والهوان كما أذاقنيها، واجعله طريد الأرجاس، وشريد الأنجاس.
قال أبو الصلت عبد السلام بن صالح الهروي: فما استتم مولاي عليه السلام دعاءه حتى وقعت الرجفة في المدينة، وارتج البلد، وارتفعت الزعقة والصيحة، واستفحلت النعرة، وثارت الغبرة، وهاجت القاعة، فلم أزايل مكاني إلى أن سلم مولاي عليه السلام فقال لي: يا أبا الصلت اصعد السطح فإنك سترى امرأة بغية عثة رثة، مهيجة الأشرار، متسخة الاطمار، يسميها أهل هذه الكورة سمانة، لغباوتها وتهتكها قد أسندت مكان الرمح إلى نحرها قصبا، وقد شدت وقاية لها حمراء إلى طرفه مكان اللواء، فهي تقود جيوش القاعة، وتسوق عساكر الطغام إلى قصر المأمون ومنازل قواده.
فصعدت السطح فلم أر إلا نفوسا تنتزع بالعصا، وهامات ترضخ بالأحجار ولقد رأيت المأمون متدرعا قد برز من قصر الشاهجان متوجها للهرب، فما شعرت إلا بشاجرد الحجام قد رمى من بعض أعالي السطوح بلبنة ثقيلة فضرب بها رأس المأمون، فأسقطت بيضته بعد أن شقت جلدة هامته.
فقال لقاذف اللبنة بعض من عرف المأمون: ويلك أمير المؤمنين فسمعت سمانة