بالمغتسل والماء من الخزانة، فقلت: ما في الخزانة مغتسل ولا ماء، فقال لي: انته إلى ما آمرك به، فدخلت الخزانة فإذا فيها مغتسل وماء فأخرجته وشمرت ثيابي لأغسله معه فقال لي: تنح يا أبا الصلت فان لي من يعينني غيرك، فغسله.
ثم قال لي: ادخل الخزانة، فأخرج لي السفط الذي فيه كفنه وحنوطه فدخلت فإذا أنا بسفط لم أره في تلك الخزانة قط فحملته إليه فكفنه وصلى عليه ثم قال لي: ائتني بالتابوت، فقلت: أمضي إلى النجار حتى يصلح التابوت قال:
قم فان في الخزانة تابوتا فدخلت الخزانة فوجدت تابوتا لم أره قط فأتيته به فأخذ الرضا عليه السلام بعد ما صلى عليه فوضعه في التابوت وصف قدميه وصلى ركعتين لم يفرغ منهما حتى علا التابوت فانشق السقف، فخرج منها التابوت ومضى.
فقلت يا ابن رسول الله الساعة يجيئنا المأمون ويطالبنا بالرضا عليه السلام فما نصنع؟
فقال لي: اسكت فإنه سيعود يا أبا الصلت ما من نبي يموت بالمشرق، ويموت وصيه بالمغرب إلا جمع الله تعالى بين أرواحهما وأجسادهما، فما أتم الحديث حتى انشق السقف ونزل التابوت فقام عليه السلام فاستخرج الرضا عليه السلام من التابوت ووضعه على فراشه كأنه لم يغسل ولم يكفن.
ثم قال لي: يا أبا الصلت قم فافتح الباب للمأمون ففتحت الباب، فإذا المأمون والغلمان بالباب، فدخل باكيا حزينا قد شق جيبه، ولطم رأسه، وهو يقول:
يا سيداه فجعت بك يا سيدي، ثم دخل وجلس عند رأسه وقال خذوا في تجهيزه فأمر بحفر القبر، فحفرت الموضع فظهر كل شئ على ما وصفه الرضا عليه السلام فقال له بعض جلسائه: ألست تزعم أنه إمام؟ قال: بلى، قال لا يكون إلا مقدم الناس فأمر أن يحفر له في القبلة فقلت: أمرني أن أحفر له سبع مراقي وأن أشق له ضريحه فقال:
انتهوا إلى ما يأمر به أبو الصلت سوى الضريح، ولكن يحفر له ويلحد.
فلما رأى ما ظهر من النداوة والحيتان وغير ذلك قال المأمون: لم يزل الرضا عليه السلام يرينا عجائبه في حياته حتى أراناها بعد وفاته أيضا فقال له وزير كان معه:
أتدري ما أخبرك به الرضا عليه السلام؟ قال: لا، قال: إنه أخبرك أن ملككم يا بني