غدا الحمام ولا أرى لك يا أمير المؤمنين أن تدخل الحمام غدا ولا أرى للفضل أن يدخل الحمام غدا.
فأعاد إليه الرقعة مرتين فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام: لست بداخل غدا الحمام فاني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في النوم في هذه الليلة يقول لي: يا علي لا تدخل الحمام غدا. فلا أرى لك يا أمير المؤمنين ولا للفضل أن تدخلا الحمام غدا، فكتب إليه المأمون صدقت يا سيدي وصدق رسول الله، لست بداخل غدا الحمام والفضل فهو أعلم وما يفعله.
قال ياسر: فلما أمسينا وغابت الشمس فقال لنا الرضا عليه السلام: قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذه الليلة، فأقبلنا نقول كذلك فلما صلى الرضا عليه السلام الصبح قال لنا: قولوا نعوذ بالله من شر ما ينزل في هذا اليوم، فما زلنا نقول ذلك.
فلما كان قريبا من طلوع الشمس قال الرضا عليه السلام اصعد السطح، فاستمع هل تسمع شيئا، فلما صعدت سمعت الضجة والنحيب وكثر ذلك، فإذا المأمون قد دخل من الباب الذي كان إلى داره من دار أبي الحسن عليه السلام يقول: يا سيدي يا أبا الحسن آجرك الله في الفضل، وكان دخل الحمام فدخل عليه قوم، بالسيوف فقتلوه واخذ من دخل عليه في الحمام وكانوا ثلاثة نفر أحدهم ابن خالة الفضل ذو القلمين (1) قال: واجتمع القواد والجند، ومن كان من رجال ذي الرئاستين على باب المأمون فقالوا: اغتاله وقتله فلنطلبن بدمه.
فقال المأمون للرضا عليه السلام: يا سيدي ترى أن تخرج إليهم وتفرقهم، قال ياسر: فركب الرضا عليه السلام وقال لي اركب فلما خرجنا من الباب نظر الرضا عليه السلام إليهم وقد اجتمعوا وجاؤا بالنيران ليحرقوا الباب، فصاح بهم وأومأ إليهم بيده:
تفرقوا! فتفرقوا. قال ياسر: فأقبل الناس والله يقع بعضهم على بعض، وما أشار إلى أحد إلا ركض ومر ولم يقف له أحد (2).