أبو الحسن: هات الكتاب الذي معك وواف بالذي معك إلى منى، فنزلت من محملي ودفعت إليه الكتاب، وصرت إلى منى فأدخلت عليه وصببت الدنانير التي معي قدامه فجر بعضها إليه ودفع بعضها بيده، ثم قال لي: يا مبارك ادفع هذه الدنانير؟
إلى شعيب وقل له: يقول لك أبو الحسن: ردها إلى موضعها الذي أخذتها منه فان صاحبها يحتاج إليها، فخرجت من عنده وقدمت على سيدي وقلت ما قصة هذه الدنانير قال: إني طلبت من فاطمة خمسين دينارا لأتم بها هذه الدنانير فامتنعت علي و قالت: أريد أن أشتري بها قراح (1) فلان بن فلان فأخذتها منها سرا ولم ألتفت إلى كلامها ثم دعا شعيب بالميزان فوزنها فإذا هي خمسون دينارا (2).
أبو خالد الزبالي قال: نزل أبو الحسن عليه السلام منزلنا في يوم شديد البرد في سنة مجدبة، ونحن لا نقدر على عود نستوقد به، فقال: يا أبا خالد ائتنا بحطب نستوقد به، قلت: والله ما أعرف في هذا الموضع عودا واحدا، فقال: كلا يا أبا خالد ترى هذا الفج (3) خذ فيه فإنك تلقى أعرابيا معه حملان حطبا فاشترهما منه ولا تماكسه، فركبت حماري وانطلقت نحو الفج الذي وصف لي فإذا أعرابي معه حملان حطبا فاشتريتهما منه وأتيته بهما، فاستوقدوا منه يومهم ذلك، وأتيته بطرف (4) ما عندنا فطعم منه، ثم قال: يا أبا خالد انظر خفاف الغلمان ونعالهم فأصلحها حتى نقدم عليك في شهر كذا وكذا.
قال أبو خالد: فكتبت تاريخ ذلك اليوم، فركبت حماري اليوم الموعود حتى جئت إلى لزق ميل ونزلت فيه فإذا أنا براكب يقبل نحو القطار فقصدت إليه فإذا يهتف بي ويقول: يا أبا خالد، قلت: لبيك جعلت فداك قال: أتراك وفيناك بما وعدناك.