وأبي يقول:
يا دهر أف لك من خليل * كم لك بالاشراق والأصيل من صاحب وطالب قتيل * والدهر لا يقنع بالبديل وإنما الامر إلى الجليل * وكل حي سالك سبيلي فأعادها مرتين، أو ثلاثا حتى فهمتها وعلمت ما أراد فخنقتني العبرة، فرددتها ولزمت السكوت، وعلمت أن البلاء قد نزل، وأما عمتي فلما سمعت ما سمعت وهي امرأة ومن شأن النساء الرقة والجزع، فلم تملك نفسها أن وثبت تجر ثوبها وهي حاسرة حتى انتهت إليه، وقالت: وا ثكلاه ليت الموت أعدمني الحياة، اليوم ماتت أمي فاطمة، وأبي علي وأخي الحسن يا خليفة الماضي، وثمال الباقي، فنظر إليها الحسين عليه السلام وقال لها: يا أخته لا يذهبن حلمك الشيطان! وترقرقت عيناه بالدموع، وقال: لو ترك القطا [ليلا] لنام (1) فقالت: يا ويلتاه أفتغتصب نفسك اغتصابا؟ (2) فذلك أقرح لقلبي وأشد على نفسي، ثم لطمت وجهها، وهوت إلى جيبها وشقته وخرت مغشية عليها.
فقام إليها الحسين عليه السلام فصب على وجهها الماء وقال لها: يا أختاه اتقي الله وتعزي بعزاء الله، واعلمي أن أهل الأرض يموتون، وأهل السماء لا يبقون، وأن