دمائنا والأفواه تتحلب من لحومنا، وتلك الجثث الطواهر الزواكي تنتابها العواسل وتعفوها أمهات الفراعل، ولئن اتخذتنا مغنما لتجدنا وشيكا مغرما، حين لا تجد إلا ما قدمت وما ربك بظلام للعبيد، فإلى الله المشتكى، وعليه المعول، فكد كيدك واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا، ولا ترحض عنك عارها، وهل رأيك إلا فند، وأيامك إلا عدد، وجمعك إلا بدد، يوم يناد المناد ألا لعنة الله على الظالمين، فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل فقال يزيد:
يا صيحة تحمد من صوائح * ما أهون الموت على النوائح قال: ثم استشار أهل الشام فيما يصنع بهم، فقالوا: لا تتخذ من كلب سوء جروا فقال له النعمان بن بشير: انظر ما كان الرسول يصنعه بهم فاصنعه بهم (1) وقال المفيد - رحمه الله -: ثم قال لعلي بن الحسين: يا ابن حسين أبوك قطع رحمي وجهل حقي، ونازعني سلطاني، فصنع الله به ما قد رأيت، فقال علي ابن الحسين: " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير " (2) فقال يزيد لابنه خالد: أردد عليه! فلم يدر خالد ما يرد عليه، فقال له يزيد: قل " ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " (3) وقال صاحب المناقب: بعد ذلك فقال علي بن الحسين: يا ابن معاوية وهند وصخر لم تزل النبوة والإمرة لآبائي وأجدادي من قبل أن تولد، ولقد كان جدي علي بن أبي طالب في يوم بدر واحد والأحزاب في يده راية رسول الله صلى الله عليه وآله وأبوك