ألزمنا به أن النبي صلى الله عليه وآله قد نص على إمامة علي عليه السلام بعد (1)، وأنه استخلفه وفرض طاعته، والحمد لله رب العالمين على نهج الحق المبين (2).
أقول: قد أثبتنا هذا الخبر في باب عزوة تبوك، وفي باب الغدير، وفي أكثر احتجاجاته على القوم، وفي باب اعتذاره عليه السلام عن القعود عن قتال من تقدم عليه، وفي احتجاجات الحسن عليه السلام وفي أحوال ولادة الحسنين عليهما السلام وفي احتجاج سعد بن أبي وقاص على معاوية، وفي كثير من الأبواب الآتية، ولنذكر بعض ما ذكره السيد المرتضى رضوان الله عليه في هذا المقام فإنه كالشرح لما ذكره الصدوق رحمه الله.
قال: الخبر دال على النص من وجهين: أحدهما أن قوله صلى الله عليه وآله: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " يقتضي حصول جميع منازل هارون من موسى لأمير المؤمنين عليه السلام إلا ما خصه الاستثناء وما جرى مجراه من العرف، وقد علمنا أن من منازل هارون من موسى عليه السلام الشركة في النبوة واخوة النسب والفضل في المحبة والاختصاص على جميع قومه والخلافة في حال غيبته على أمته، وأنه لو بقي بعده لخلفه فيهم، ولم يجز أن يخرج القيام بأمورهم عنه إلى غيره، وإذا خرج بالاستثناء منزلة النبوة وخص العرف منزلة الاخوة في النسب وجب القطع على ثبوت ما عداها (3)، و من جملته أنه لو بقي خلفه دبر أمر أمته وقام فيهم مقامه، وعلمنا بقاء أمير المؤمنين عليه السلام بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله فوجبت له الإمامة بلا شبهة.
ثم قال رضي الله عنه: وأما الدليل على أن هارون عليه السلام لو بقي بعد موسى عليه السلام لخلفه في أمته فهو أنه قد ثبتت خلافته له في حال حياته بلا خلاف، وفي قوله تعالى:
" وقال موسى لأخيه هارون اخلفني (4) " أكبر شاهد بذلك، وإذا ثبتت الخلافة في حياته