في مجلدين ضخمين، وكتابا جمع فيه طرق حديث الطير، ونقل عن أبي المعالي الجويني أنه كان يتعجب ويقول: رأيت (1) مجلدا ببغداد في يد صحاف فيه روايات هذا الخبر مكتوبا عليه: " المجلدة الثامنة والعشرون من طرق من كنت مولاه فعلي مولاه ويتلوه المجلد التاسعة والعشرون " وأثبت الشيخ ابن الجوزي الشافعي في رسالته الموسومة بأسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب عليه السلام تواتر هذا الحديث من طرق كثيرة، ونسب منكره إلى الجهل والعصبية انتهى (2).
وقال السيد المرتضى في كتاب الشافي: أما الدلالة على صحة الخبر فلا يطالب بها إلا متعنت (3)، لظهوره واشتهاره وحصول العلم لكل من سمع الاخبار به، وما المطالب بتصحيح خبر الغدير والدلالة عليه إلا كالمطالب بتصحيح غزوات النبي صلى الله عليه وآله الظاهرة المشهورة وأحواله المعروفة وحجة الوداع نفسها، لان ظهور الجميع وعموم العلم به بمنزلة واحدة وبعد: فقالت الشيعة بنقله وبتواتره، وأكثر رواة أصحاب الحديث ترويه بالأسانيد المتصلة وجميع أصحاب السير ينقلونه عن أسلافهم خلفا عن سلف نقلا بغير إسناد مخصوص، كما نقلوا الوقائع والحوادث الظاهرة، وقد أورده مصنفو الحديث في جملة الصحيح، وقد استبد (4) هذا الخبر بما لا يشركه فيه سائر الأخبار لان الاخبار على ضربين: أحدهما لا يعتبر في نقله الأسانيد المتصلة كالخبر عن وقعة بدر وخيبر والجمل وصفين، والضرب الآخر يعتبر فيه اتصال الأسانيد كأخبار الشريعة، وقد اجتمع فيه الطريقان، ومما يدل على صحته إجماع علماء الأمة على قبوله، ولا شبهة فيما ادعيناه من الاطباق، لان الشيعة جعلته الحجة في النص على أمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة، ومخالفو الشيعة أولوه على اختلاف تأويلاتهم، وما يعلم أن فرقة من فرق الأمة ردت هذا الخبر أو امتنعت من قبوله.
وأما ما حكي عن ابن أبي داود السجستاني في دفع الخبر وحكي عن الخوارج مثله وطعن الجاحظ في كتاب العثمانية فيه فنقول أولا: إنه لا يعتبر في باب الاجماع