لأنه يقوم بعد الموت فإنه يحتمل أن يكون أريد به (1) بعد موت ذكره، دون أن يكون المراد به موته في الحقيقة بعدم الحياة منه، على أنهم لا يجدون بهذا الاعتلال بينهم وبين الكيسانية فرقا، مع أن الرواية قد جاءت بأن القائم إنما سمي بذلك لأنه يقوم بدين قد اندرس، ويظهر بحق كان مخفيا، ويقوم بالحق من غير تقية تعتريه في شئ منه، وهذا يسقط ما ادعوه.
وأما الفرقة التي زعمت أن جعفر بن علي هو الامام بعد أخيه الحسن عليه السلام فإنهم صاروا إلى ذلك من طريق الظن والتوهم، ولم يوردوا خبرا ولا أثرا يجب النظر فيه، ولا فصل بين هؤلاء القوم وبين من ادعى الإمامة بعد الحسن عليه السلام لبعض الطالبيين، واعتمد على الدعوى والتعرية من البرهان (2)، فأما ما اعتلوا به من الحديث عن أبي عبد الله عليه السلام أن الامام هو الذي لا يوجد منه ملجأ إلا إليه فإنه يقال لهم فيه: ولم زعمتم أنه لا ملجأ إلا إلى جعفر؟ ولم أنكرتم (3) أن يكون الملجأ هو ابن الحسن الذي نقل جمهور الامامية النص عليه؟ فإن قالوا: لا يجب ذلك إلا إذا قامت الدلالة على وجوده مع أنه لا يجب أن نثبت وجود من لم نشاهده قلنا لهم: ولم لا يجب ذلك إذا قامت الدلالة على وجوده؟ مع أنه لا يجب أن يثبت الإمامة (4) لمن لا نص عليه ولا دليل على إمامته، على أن هذه العلة يمكن ان يعتل بها كل من يدعي الإمامة لرجل من آل أبي طالب بعد الحسن عليه السلام ويقول: إنما قلت ذلك لأنني لم أجد ملجأ إلا إليه.
وأما الفرقة الراجعة عن إمامة الحسن والمنكرة لامامة أخيه محمد فإنها تحج (5) بدليل إمامة الحسن من النص والتواتر عن أبيه، ويطالب بالدلالة على إمامة علي بن محمد عليهما السلام فكل شئ اعتمدوه في ذلك فهو العمدة عليهم فيما أبوه من إمامة الحسن عليه السلام،