نامت عيناه، وقد اعترف النووي - على ما نقله عنه الكرماني في شرح صحيح البخاري (1) - بأن النبي صلى الله عليه وآله كان معصوما من الكذب ومن تغيير الأحكام الشرعية في حال الصحة والمرض.
ومن الغرائب أنهم يستدلون على خلافة عمر بن الخطاب بما نص عليه أبو بكر في مرضه وكتب له، ولم يجوز أحد فيه أن يكون هجرا وناشئا من غلبة المرض، مع أنه أغمي عليه في أثناء كتابته العهد - كما رواه ابن أبي الحديد (2) في كيفية عقده الخلافة لعمر من أنه كان يجود بنفسه فأمر عثمان أن يكتب عهدا، وقال: اكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما عهد به عبد الله بن عثمان (3) إلى المسلمين، أما بعد.. ثم أغمي عليه، فكتب عثمان: قد استخلفت عليكم ابن الخطاب..
وأفاق أبو بكر، فقال: اقرأ، فقرأه، فكبر أبو بكر وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي. قال: نعم. قال: جزاك الله خيرا عن الاسلام وأهله، ثم أتم العهد وأمره أن يقرأ على الناس.
وجوزوا في رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون عهده هجرا وهذيانا، وقد كان في كتاب أبي بكر ووصيته - على ما ذكره شارح المقاصد (4) وغيره (5) - نوع من التردد في شأن عمر، حيث قال: إني استخلفت عمر بن الخطاب فإن عدل فذاك ظني به ورأيي فيه، وإن بدل وجار فلكل امرء ما اكتسب، والخير أردت ولا أعلم الغيب، * (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) * (6) وكان قوله صلى الله عليه وآله: ائتوني بكتاب [كذا] أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعده.. خاليا من