وبلوغ تأذي رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الغاية، وقد قال الله تعالى:
* (والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم) * (1)، وقال سبحانه وتعالى: * (إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة واعد لهم عذابا مهينا) * (2) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصبر على كثير من الأذى ويستحي من زجرهم، كما يدل عليه قوله تعالى - مشيرا إلى دخولهم بيوت النبي صلى الله عليه وآله من دون الاذن وغيره -: * (إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق) * (3) كما سبق.
هذا مع أن أتباع عمر بن الخطاب وحزبه قد ستروا كثيرا من كلماته الشنيعة وما قال فيه رسول الله صلى الله عليه وآله، كما يظهر من قول ابن أبي الحديد (4):
في ألفاظ نكره حكايتها حتى شكاه النبي صلى الله عليه وآله إلى أبي بكر.
ويؤيد هذا المعني أن قصة منع الكتابة لم يروها أحد ممن حضرها إلا ابن عباس، وقد صرحت الرواية بأنه كان في البيت رجال، وقالوا (5) بعضهم: قربوا يكتب لكم، وبعضه قال ما قال عمر وكثر لغطهم وارتفعت أصواتهم.
وثالثا: إن ما اعتذر به - مع أن عمر كان يرسل في (6) تلك الألفاظ على مقتضى غريزته وخشونة جبلته ولم يكن يقصد بها ظواهرها - فيه اعتراف بأنه كان لا يملك لسانه حتى يتكلم بما يحكم به عقله، وظاهر أن رجلا لم يقدر على ضبط لسانه في مخاطبة مثل النبي صلى الله عليه وآله - في علو شأنه في الدنيا والآخرة - معدود عند العقلاء في المجانين، ومثله لا يصلح للرئاسة العامة وخلافة من